الخطبة الثالثة و من خطبة له عليه السلام و هى المعروفة بالشقشقية
اعلم انه قد كثر الخلاف و الاختلاف ، و اضطربت الاقوال حول هذه الخطبة ،
نظرا لأهميتها ، و عظم شأنها إذ أن أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام ، يشير فيها الى أعظم الانقلابات و أشدها في الاسلام بعد وفاة صاحب الشريعة المقدسة ، و يصرّح الامام نفسه بأن الخلافة غصبت منه ، و انه كان احق و اولى بها من غيره .
لهذه الغاية نفى بعض علماء العامة هذه الخطبة عن امير المؤمنين . و نسبها الى السيد الرضي عليه الرحمة ، و لكن من حسن الاتفاق و حسن الحظ أن رواة هذه الخطبة عن غير الرضي أكثر من رواة باقي خطبة عليه السلام ، و هؤلاء الرواة كان بعضهم قبل السيد الرضي و بعضهم كان معاصرا له ، و البعض الآخر كان زمانه متأخرا عن زمان الرضي عليه الرحمة ، و اليك اسمائهم مشفوعة بتواريخ وفيات اصحابها كيلا يبقى مجال للشك و الترديد في استناد الخطبة ، اضف الى ذلك كيف يمكن للرضي و غيره ان يأتوا بأمثال هذا الكلام الذي هو في اعلى مراتب الفصاحة ،
و اسمى درجات البلاغة ، و كيف عجز ادباء مصر و غيرها عن افتعال خطبة واحدة بهذا السياق و على هذا النمط ، اما كان باستطاعتهم أن يخترعوا خطبة في نقض هذه الخطبة و إسنادها الى علي عليه السلام ؟ فان لم يتمكنوا فكيف ساغ لهم ان ينسبوا هذه الكلمات الى الرضي الذي كان احد ادباء زمانه ، سبحان اللّه ، ان يقولون الا منكرا من القول و زورا ، قل لئن اجتمعت الانس و الجن . . . الخ و هذه الاسماء و اعلم ان الرضي ولد حدود سنة 309 او نفسها و توفي سنة 406 .