نام کتاب : تجلّي القرآن في نهج البلاغة نویسنده : مصباح اليزدي، محمد تقي جلد : 1 صفحه : 23
إنّ القرآن يوضّح
الخطوط العامة لرقي الإنسان وتكامله ، والمجتمع الإسلامي مكلّف بتمهيد الأرضية
لتحقيق أهداف القرآن السامية ، وذلك بقوة الفكر والعلم والاستعانة بالتجارب العلمية
للإنسان ، والقرآن لا يكتفي بعدم النهي عن الاستعانة بالتجارب العلمية للآخرين ـ
حتى غير المسلمين ـ بل يعتبر العلم وديعةً إلهية ويحثّ المسلمين على تعلّمه ، ولغرض
ترغيب المسلمين وتشجيعهم على طلب العلم يقول النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : (
اطلبوا العلم ولو بالصين ) [1] ، فتعلّموا العلم واستثمروا التجارب العلمية
للآخرين ، وإن استلزم تحقّق ذلك قطع طريق طويل جداً ، وبطبيعة الحال أنّ العلاقات
الدولية اليوم في غاية التعقيد ، والدول الاستكبارية والقوى السلطوية تحاول من خلال
شتى الألاعيب ، ومختلف الوسائل التكنولوجية والاقتصادية ، عبر الاستفادة بشكل عام
من نتائج التجارب العلمية للإنسان ، أن تفرض علاقاتها السلطوية ، ولكن يتعيّن علينا
أن نستثمر وبذكاء حاد ودون أدنى تراجع عن أهدافنا الإسلامية والقرآنية ، ثمار
العلوم البشرية في مختلف الأصعدة في طريق إنعاش الوضع الاقتصادي ، وعلاج المشكلات
المعاشية للناس .
بناءً على هذا أنّ
القرآن لم يكن وليس بصدد الإجابة على جميع المشاكل الحياتية للإنسان صغيرها وكبيرها
، بل هو يبيّن الخطوط الجوهرية والعامة لسعادة الإنسان وتكامله ، ويدلّ المسلمين
عليها ويدعوهم إليها ، وفي هذا المقطع وعلى هامش حديث علي ( عليه السلام ) حول شفاء
القرآن نشير إلى أحد الخطوط العامة المستوحاة من القرآن ، ونقدّم إيضاحاً له
كأنموذج .
نموذج من الخطوط العامة في القرآن
يقول القرآن الكريم
: ( وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنَ