2-
مقتضى الروايات الكثيرة التى فيها ما هو معتبر سنداً كما فى ارقام 1، 2، 3 ان الله
تعالى فوض الى نبيه التشريع و تدبير الخلق، ففى صحيح ابى اسحاق (3: 17): ان الله
عزوجل أدّب نبيه على محبته فقال: (وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ
عَظِيمٍ[1])، ثم
فوّض اليه. و فى مصحح فضيل بن يسار: ان الله عزوجل أدّب نبيه فاحسن ادبه فلما اكمل
له الادب، قال: (وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ثم فوّض
اليه امر الدين و الامة ليسوس عباده ... وان رسول الله صلّى الله عليه و آله و
سلّم كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروح القدس لا يزلّ و لا خطئ فى شىء مما يسوس به
الخلق فتأدب بآداب الله (4: 17 و 5).
أقول:
التفويض إليه فى تدبير الناس لا يخصه، بل هو يجرى فى حق أوصيائه عليهم السّلام
أيضاً و ليس من خصائصه فكل رئيس شرعى حتى الفقيه الجامع الشرائط- بل يمكن الحاق
المأذون من قبله به يفوض اليه تدبير الناس والا للغت الحكومة[2]
و انما المهم هو تفويض امرالدين و تشريع الحكم
[1] - يظهر منه ان المراد بالتأديب المبنى على حب الله
و هو تزكية الخلاقه صلّى الله عليه و آله و سلّم.
[2] - نعم يظهر من القرآن ان الله سبحانه ارشد نبيه فى
جملة من موارد تدبير الناس الى احسن الوجه وهذا من لطف الله فى حق نبيه كقوله
تعالى:( عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ
يَزَّكَّى ..) و قوله:( وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ
وَ الْعَشِيِّ) و قوله تعالى:( عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكاذِبِينَ).
ثم ان هذه الآيات الرادعة له عن
بعض الامور، من جهة اخرى تدل على نبوته و صدق كلامه كجملة من آيات اخرى تثبت نبوته
كقوله تعالى:( فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ)( الانعام/ 35). و قوله:( وَ لا
تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً
مَدْحُوراً) و قوله:( وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ
تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ
ضِعْفَ الْمَماتِ) و قوله:( وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي
... أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي
نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ
تَخْشاهُ)