واعلم
ان ادعاء النبوة و الرسالة من محمد بن عبدالله العربى القرشى الهاشمى المكى ثم
المدنى صلّى الله عليه و آله و سلّم ... اما ما يطابق الواقع و ان الله ارسله الى
الناس و أمره يهدايتهم اليه و الى طاعته و اما انه يخالفه، و على الثانى فالادعاء
المذكور اما نشأ من جنونه و سفهه أو من استيلاء الجن عليه و إما لطمع فى الاموال
أو حصول الرئاسة. و اما لاعتقاده وحبه باصلاح الناس لمجرد رأفته بهم بما يفهمه و
يعقله و لاشق آخر يحتمل.
و
الاول هو المطلب و الثانى و هو استناد الادعاء الى الجنون أو السفه أو استيلاء
الجن عليه- لا ينسجم مع عقله و حكمته وكلماته و اقواله و افعاله و قرآنه كما هو
واضح مشهود، و الثالث و هو طمع المال و الجاه- لا يناسب اخلاقه كما يثبت ذلك
باحاديث هذا الباب التى ربما تبلغ مائتى حديث ولو اراد احد ان يجمع كل ما يتعلق
بهذا الباب من الروايات الحاكية عن اخلاقه و اعماله من طريق الشيعة و اهل السنة و
غير المسلمين لاصبح كتابا مستقلًا، و الرابع لا يناسب تحمله على اذى قومه، كما
يأتى فى باب مبعثه (148: 18) و غيره فانه كان غير قابل للتحمل كماً و كيفاً. و لا
داعى للعاقل الى فناء حياته وحرمانه و حرمان اهله من الاكل و الشرب و الراحظ و
اقباله على اذية نفسه بما لا يطيقها غالب الافراد. و من فصل هذا الدليل الدال على
نبوته صارت رسالة مفردة.