ثمّ إنّ المحدّث الحرّ العاملي
بعد تعريفه القرينة بما ينفك عن الخبر و له دخل في ثبوته و تقسيمها إلى ما يدلّ
على ثبوت الخبر عنهم عليهم السّلام و على صحّة مضمونه، و إن احتمل كونه موضوعا، و
على ترجيحه على معارضه، تعرّض لبيان القرائن، و إليك خلاصتها[1]:
1.
كون الرّاوي ثقة يؤمن منه الكذب عادة و كثيرا ما يحصل العلم بذلك، حتّى لا يبقى شك
و إن كان الثّقة فاسد المذهب ... و هذا أمر وجداني يساعده الأحاديث المتواترة في
الأمر بالعمل بخبر الثّقة و النهي عن العمل بالظّن.[2]
2.
ذكر الحديث في كتب من كتب الاصول المجمع عليها، أو في كتاب أحد من الثقات لاطلاق ما
دلّ على حجية قول الثقات، حتّى و إن نقلوا عن ضعيف أو مرسلا، و من المعلوم قطعا
إنّ الكتب الّتي أمروا عليهم السّلام بالعمل بها كان كثيرا من رواتها ضعفاء و
مجاهيل، و كثيرا منها مراسيل.[3]
و
كون الحديث مأخوذا من الكتب المشار إليها يعلم بالتصريح و بقرائن ظاهرة في التهذيب
و الاستبصار و الفقيه و غيرها.
3.
كون الحديث موجودا في الكتب الأربعة و نحوها من الكتب المتواترة المشهود لها
بالصحة.[4]
[2] . الكثرة ممنوعة، و الجمع بين الطائفتين يقتضي
تخصيص الثانية بالاولى، فهو اشتبه بين التخصيص و التخصّص، على أنّ العمل إنّما هو
بالأدلة القاطعة لحجيّة الأمارات الظّنية لا بالظّن نفسه، ثمّ أقول: هنيئا للمحدّث
رحمه اللّه و أمثاله ممّن يتيسر لهم العلم بخبر الواحد الثّقة، و أنّي لنا و
لأمثالنا ذلك.
[3] . لا إجماع على حجيّة تمام روايات أصل من الاصول، و
أمّا الإطلاق الّذي ادّعاه فهو واضح الفساد، و دعواه القطع ممنوعة، و لو فرض إثبات
أمره عليه السّلام بالعمل بكتاب، أصبح رواياته صحيحة؛ لأجل هذا الأمر، لا لأجل
أسانيدها الأوّلى، ففيه مغالطة واضحة.
[7] . ليس فيه زيادة على حجيّة قول الثّقة و لا يمكن أن
يكون أزيد منها، و لا يدل على اعتبار نقل الضعفاء و الوضاعين و المجهولين بعد
الثّقة المذكور، و قبله.