212. مُهج الدعوات: ودَعا في قُنوتِهِ:
يا مَن تَفَرَّدَ بِالرُّبوبِيَّةِ وتَوَحَّدَ بِالوَحدانِيَّةِ، يا مَن أضاءَ بِاسمِهِ النَّهارُ، وأَشرَقَت بِهِ الأَنوارُ، وأَظلَمَ بِأَمرِهِ حِندِسُ اللَّيلِ، وهَطَلَ بِغَيثِهِ وابِلُ السَّيلِ، يا مَن دَعاهُ المُضطَرّونَ فَأَجابَهُم، ولَجَأَ إلَيهِ الخائِفونَ فَآمَنَهُم، وعَبَدَهُ الطّائِعونَ فَشَكَرَهُم، وحَمِدَهُ الشّاكِرونَ فَأَثابَهُم، ما أجَلَّ شَأنَكَ، وأَعلى سُلطانَكَ، وأَنفَذَ أحكامَكَ! أنتَ الخالِقُ بِغَيرِ تَكَلُّفٍ، وَالقاضي بِغَيرِ تَحَيُّفٍ، حُجَّتُكَ البالِغَةُ، وكَلِمَتُكَ الدّامِغَةُ.
بِكَ اعتَصَمتُ وتَعَوَّذتُ مِن نَفَثاتِ العَنَدَةِ، ورَصَداتِ المُلحِدَةِ، الَّذينَ ألحَدوا في أسمائِكَ، ورَصَدوا بِالمَكارِهِ لِأَولِيائِكَ، وأَعانوا عَلى قَتلِ أنبِيائِكَ وأَصفِيائِكَ، وقَصَدوا لِإِطفاءِ نورِكَ بِإِذاعَةِ سِرِّكَ، وكَذَّبوا رُسُلَكَ، وصَدّوا عَن آياتِكَ، وَاتَّخَذوا مِن دونِكَ ودونِ رَسولِكَ ودونِ المُؤمِنينَ وَليجَةً رَغبَةً عَنكَ، وعَبَدوا طَواغيتَهُم وجَوابيتَهُم بَدَلًا مِنكَ، فَمَنَنتَ عَلى أولِيائِكَ بِعَظيمِ نَعمائِكَ، وجُدتَ عَلَيهِم بِكَريمِ آلائِكَ، وأَتمَمتَ لَهُم ما أولَيتَهُم بِحُسنِ جَزائِكَ، حِفظاً لَهُم مِن مُعانَدَةِ الرُّسُلِ وضَلالِ السُّبُلِ، وصَدَقَت لَهُم بِالعُهودِ ألسِنَةُ الإِجابَةِ، وخَشَعَت لَكَ بِالعُقودِ قُلوبُ الإِنابَةِ.
أسأَ لُكَ اللَّهُمَّ بِاسمِكَ الَّذي خَشَعَت لَهُ السَّماواتُ وَالأَرضُ، وأَحيَيتَ بِهِ مَواتَ الأَشياءِ، وأَمَتَّ بِهِ جَميعَ الأَحياءِ، وجَمَعتَ بِهِ كُلَّ مُتَفَرِّقٍ، وفَرَّقتَ بِهِ كُلَّ مُجتَمِعٍ، وأَتمَمتَ بِهِ الكَلِماتِ، وأَرَيتَ بِهِ كُبرَى الآياتِ، وتُبتَ بِهِ عَلَى التَّوّابينَ، وأَخسَرتَ بِهِ عَمَلَ المُفسِدينَ فَجَعَلتَ عَمَلَهُم هَباءً مَنثوراً، وتَبَّرتَهُم تَتبيراً، أن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأَن تَجعَلَ شيعَتي مِنَ الَّذينَ حُمِّلوا فَصَدَّقوا، وَاستُنطِقوا فَنَطَقوا، آمِنينَ مَأمونينَ. اللَّهُمَّ إنّي أسأَ لُكَ لَهُم تَوفيقَ أهلِ الهُدى، وأَعمالَ أهلِ اليَقينِ، ومُناصَحَةَ أهلِ التَّوبَةِ، وعَزمَ أهلِ الصَّبرِ، وتَقِيَّةَ أهلِ الوَرَعِ، وكِتمانَ الصِّدّيقينَ، حَتّى يَخافوكَ اللَّهُمَّ مَخافَةً تَحجُزُهُم عَن مَعاصيكَ، وحَتّى يَعمَلوا بِطاعَتِكَ لِيَنالوا كَرامَتَكَ، وحَتّى يُناصِحوا لَكَ وفيكَ خَوفاً مِنكَ، وحَتّى يُخلِصوا لَكَ النَّصيحَةَ فِي التَّوبَةِ حُبّاً لَكَ، فَتوجِبَ لَهُم