وأما قوله تعالی {ورَتِّلِ القرآن تَرْتِیلًا}[1] فلا ربط له بالتجوید الحادث بعد رحلة النبي(ص) بسنين وقد ورد عن أبي عبد اللّه(ع) فی تفسیره: «ینبغی للعبد إذا صلّی أن یرتل في قراءته فإذا مرّ بآیة فیها ذکر الجنّة وذکر النار سأل اللّه الجنة وتعوّذ من النار، وإذا مرّ بـ یٰا أَیُّهَا النّٰاسُ ویٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا یقول لبیك ربنا».

و عنه(ع) أيضا: «قال أمیر المؤمنین(ع): ولا تهذه هذّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولکن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا یکن همّ أحدكم آخر السورة.. ولا ربط لهما بالتجويد أيضا، بل مفادهما التخشع والتفكر فی القراءة.

نعم، روي عن علي(ع) فی معنی الترتیل: «أنّه حفظ الوقوف وأداء الحروف».

ولکن عن الحدائق: لم أقف علیه في کتب الأخبار ولعله من مفتعلات العامة ترویجاً لصناعة التجوید. ویأتي في (فصل مندوبات القراءة) معنی الترتیل المستحب، فلا دلیل علی لزوم اتباع ما أوجبوه بل ولا استحباب متابعتهم فیه، فکیف بما ندبوه إلا إذا توقف أداء مادة الکلمة لغة أو هيئتها المعتبرة فیها علیه فیجب حينئذ الإتيان بمادة الکلمة وهیئتها المعتبرة لا من جهة لزوم متابعتهم.[2]

التجويد وسلب الخشوع

ثم إنه ـ رحمه الله ـ أشار إلى جهة تربوية وهي أن التعمق في التجويد والالتفات لقواعده أثناء القراءة في الصلاة ينتهي إلى سلب الخشوع ولذا قال في موضع آخر من المهذب[3]:«ثمَّ إنّ الظاهر، بل المعلوم أنّ التأمل کثیراً فی التجوید سواء کان

[1] المزمل / 4

[2] مهذب الأحكام 6/ 320.

[3] وقد نُشر لسماحة السيد ضياء الخباز القطيفي رسالة مفصلة في شرح هذه النظرية على الانترنت بعنوان: علم التجويد القراءة المغيبة.. يمكن مراجعتها لمن أراد التفصيل.