إرهاق الحدث بالتّأويلات و التّمحلّات الباطلة لتعمية الأمور على العوام. أو لعلّهم يزعمون للنّاس أنّ أموراً قد استجدّت و تقلّباتٍ حدثت، دعت النّبيّ (ص) إلى العدول عن ذلك الأمر حيث رأى أنّ صرف النّظر عنه أصلح.
لماذا لا يصرّ النّبيّ على الكتابة؟
إذا كانت كتابة الكتاب ضروريّة و إذا كان هو الّذي يحفظ الأمّة من الضّلال، فلماذا صرف النّظر عن كتابته، و لماذا يستسلم (ص) لما أراده عمر و غيره؟! ألم يكن الإصرار على كتابته هو المتعيّن؟ مادام أنّ نفع الكتاب الّذي سوف يكتبه لا يقتصر عى أهل ذلك الزّمان، بل سيكون شاملًا للأمّة بأسرها إلى يوم القيامة.
و نجيب: بما قاله العلّامة السيّد عبدالحسين شرف الدّين (قدس سرّه):
«و إنما عدل عن ذلك لأنّ كلمتهم تلك الّتي فاجؤوه بها اضطرّته إلى العدول، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة و الاختلاف من بعده في انّه هل هجر فيما كتبه و العياذ بالله أو لم يهجر؟
كما اختلفوا في ذلك، و أكثروا اللّغو و اللَّغَط نصب عينيه، فلم يَتَسَنَّ له يومئذٍأكثر من قوله لهم: «قوموا عنّي» كما سمعت.
و لو أصرّ فكتب الكتاب لَلَجُّوا في قولهم: هَجَر، و لأوغل أشياعهم في إثبات هجره و العياذ بالله فسطروا به أساطيرهم و ملأواطواميرهم، ردّاً على ذلك الكتاب و على من يحتجّ به.
لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضرب (ص) عن ذلك الكتاب صفحاً، لئلّا يفتح هؤلاء المعارضون و أولياؤهم باباً إلى الطّعن في النّبوّة، نعوذ بالله و به نستجير.
و قد رأى (ص) أنّ عليّاً و أولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب، سواءٌ عليهم أكتب أم لم يكتب، و غيرهم لا يعمل به و لا يعتبره لو كتب. فالحكمة و الحال