أخرى من بلاد يراها ذلك الطّاغية جزءاً من مملكته بعد أن وطأتها جيوش الإسلام، و بسط (ص) نفوذه عليها و نشر دعوته و دينه فيها، و أصبحت مناطق منها تدين بالولاء لهذا النّبيّ الكريم و تؤدّي له الجزيه.
2. إنّ الله تعالى قد ألقى الرّعب في قلوب أعداء الله، فبادروا إلى إعلان إسلامهم أو استسلامهم، ففي تبوك فتح الله له دُومة الجَندل و أخذ مَلِكَها، و فيها جاءه أسقف أَيْلَة و هو يُحَنَّة بن رؤبة، و وفد إليه أهل أَذْرحُ و سئلوه الصّلح على الجزية، و وفد إليه أهل مقنا، و مالك بن أحمر و قومه يطلبون العهد و الأمان[1]، فكانت هذه المعاهدات مع الفئات المختلفة هي النّتيجة الطّبيعيّة لذلك، و كلّ ذلك من شأنه أن يُؤلِم قيصر و يُهين كبرياءَه الشّيطاني و يُثير حميّته، و هو الرّجل المغرور بنفسه و بملكه العريض و لا يرى له نظيراً على وجه الأرض، فهل هناك من ذُلٍّ و خزي لقيصر أعظم من أن يقف النّبيّ (ص) الّذي يَصِفونه بالعربي و المسلم بجيوشه على تخوم مملكته و يطأ بجيوشه أطرافاً منها عزيزة عليه ليطلب منه الإسلام أو الجزية!!؟ و أيّة عِزّة هذه الّتي منحها الله لرسوله و للمؤمنين!
3. و يضاف إلى ذلك كلّه رعب ساير القبائل المعادية، مثل عاملة، و لَخْم، و جُذام و سائر الّذين جمعوا الجموع و أرادوا مهاجمة المسلمين.
و بذلك يكون النّبيّ (ص) قد حقّق في هذه الغزوة انتصاراً لم تحقّقه غزوة من غزواته، فلقد انهار ذلك الجيش الّذي يبلغ مأتي ألفٍ أو يزيد و انسحب عن خطّ المواجهة إلى حصونه و معسكراته و سلمت للمسلمين تلك المناطق المتاخمة لحدود الحجاز بعد أن التزم أهلها بالجزية و عاهدوا النّبيّ (ص) على أن لا يتعاونوا مع أحدٍ؟؟.
[1] 1. راجع: التنبيه و الإشراف، ص 236 و مكاتيب الرسول، ج 2، ص 414، و تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 68.