هي شبه جزيرة مستطيلة يحدّها شمالًا: الفرات، و آخر قطعاتها بادية الشّام و السّماوة، و فلسطين، و شرقاً خليج فارس، و جنوباً خليج عدن و المحيط الهندي، و غرباً البحر الأحمر.[1] ولا يعنينا الوضع الجغرافي هنا إلّا في النّواحي التّالية:
الأولى: إنّه لم يكن في جزيزة العرب حتّى نحر واحد، بالمعنى الصّحيح للكلمة،[2] و أكثرها جبالٌ، و أودية و سهول جرداء، لا تصلح للزّراعة والعمل، و من ثمّ فهي لا تساعد على الاستقرار و تنظيم الحياة.
و من هنا فقد كان أكثر سكّانها، بل قيل خمسة أسداسهم من البَدو الرّحل، الّذين يمسون في مكان، و يصبحون في آخر.
الثّانية: إنّ هذا الوضع قد جَعل هذه المنطقة في مأمن من فرض السيطرة عليها من قِبَلِ الدّولتين العظيمتين آنئذ: الرّومان و الفُرس، و غيرهما، فلم تتأثّر المنطقة بمفاهيمهم و أديانهم كثيراً، بل لقد هرب اليهود من حكّامهم الرّومان إلى جزيرة العرب و اجتمعوا فيها في يثرب و غيرها.
و قد نشأت عن هذا الوضع للجزيرة العربيّة ظاهرة الدّويلات القِبَليّة، فلكلّ قبيلة حاكم و كلّ ذي قوّة له سلطان.
[1] 1. راجع: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 1، ص 140 فيما بعدها
[2] 2. المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 1، ص 157 فيما بعدها.