إنّه يوم رفع الظّلم و الجبريّة و يوم إعلان الحرب على الفساد و المفسدين و إبطال حكومة الأهواء و إسقاط هيمنة العصبيّات و الشّهوات، و أيضاً يوم تعظيم الكعبة و كسوتها، بعد أن خرجت من يد المشركين، الّذين هتكوا حرمة حرم الله بذبح أطفال، و نساء، و ضعفاء و رجال خزاعة فيه و تجرّؤوا على الله بعبادة الأصنام في بيته و الدّعوة إلى الشّرك به تعالى فيه.
و هو يوم عزّ قريش الّتي أعلنت براءتها من الشّرك و التزامها بالإيمان بالله، و بأنبيائه و رسله و قبول دينه، فمنحها ذلك حصانةً و عزّةً، حتّى لو كان إيمانها لا يزال في مراحله الأولى، الّذي يقتصر على مجرّد الإعلان اللّساني.
دخول النّبيّ (ص) مكّة
قالوا: لمّا ذهب أبوسفيان، إلى مكّة بعد ما عاين جنود الله تمرّ عليه، واصل المسلمون سيرهم حتّى انتهوا إلى ذي طوى،[1] فوقفوا ينتظرون رسول الله (ص) حتّى تلاحق النّاس، و أقبل رسول الله (ص) في كتيبته الخضراء[2] ... و قد طأطأ رأسه تواضعاً لله تعالى و هو يقرأ سورة الفتح.[3] و جعلت الخيل تَمْعَج[4] بذي طوى في كلّ وجه، ثمّ ثابَتْ[5] و سكنت حين توسّطهم رسول الله (ص).[6]
[1] 1. ذي طوى: وادٍ بمكّة؛ مقصور مُنون و قد يمدّ، يصرف و لا يصرف
[2] 2. سبل الهدى و الرشاد، ج 5، ص 226 عن ابن إسحاق و غيره