عمرو الغسّاني، فلماذا يكون العنوان المطروح بين المسلمين هو أنّهم: يسيرون لمحاربة ملك الرّوم.
و النّبيّ (ص) كان على علم تامّ بتحرّكات قيصر و بمقاصده و أنّ قتل الحارث بن عمير الأزدي كان هو الإشارة للمسلمين، الّتي جعلتهم قادرين على تلمّس خطورة الأمر و شَحَذَت[1] هممهم للنّفير لمواجهة الخطر المحدق بطريقة توجب تشويش الأمور على قيصر، و تمنعه من متابعة مسيرته، و تحجب عنه فرصة اتّخاذ القرار النّهايي بالتّوغّل إلى عمق منطقة الحجاز.
فسريّة مؤتة رغم أنّها لم تسر وفق ما يريده الله و رسوله باعتبار أنّ خالداً قد انهزم بالجيش بعد قتل قادته الثلاثة، إلّا أنّها حقّقت و لا شكّ- الحدّ الأدنى من أهدافها، و لو لا الهزيمة الّتي جَرَّها خالد عليهم، فلربّما يكون إنجازها هائلا و عظيماً، ليس بإمكاننا التَّكَهُّن بحدود عظمته و بمدى أهميّته.
جعفر هو الأمير الأوّل
إنّ غالب محدّثي أهل السّنّة قالوا: بأنّه (ص) قد أمّر على السّريّة زيدا أوّلًا، قال: إن اصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على النّاس؛ فإن اصيب جعفر فعبد الله بن رواحه على النّاس. و لكنّ الصّحيح هو أنّ الأمير الأوّل كان جعفر بن أبي طالب، كما ذهب إليه الشّيعة.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «اتّفق المحدّثون على أنّ زيد بن حارثة كان هو الأمير الأوّل، و أنكرت الشّيعة ذلك و قالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأوّل، فإن قتل فزيد بن حارثة، فإن قتل فعبد الله بن رواحة. و رووا في ذلك روايات، و قد وجدت في الأشعار الّتي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي
[1] 1. شحذ السّكين و نحوه: أحَدَّه، و شحذه ببصره: أحدّه إليه و رماه به.