لقتال أحدٍ، و نرى أن نمضي لوجهنا فمن صدّنا عن البيت قاتلناه. و وافقه على ذلك أُسَيْدبن الحُضَيْر.
ثمّ قام المقداد و قال بعد كلام أبي بكر: إنّا و الله يا رسول الله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيّها: «فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ»[1] و لكن اذهب أنت و ربّك فقاتلا إنّا معكم مقاتلون.
فقال رسول الله (ص): فسيروا على اسم الله.[2] و خالف النّبيّ (ص) العدوَّ في الطّريق، و قال لأصحابه: تيامنوا، في هذا العَصَل،[3] و في رواية: اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحَمْض،[4] فإنّ خالد بن الوليد بالغَميم في خيل لقريش طَليعةً.[5] كره رسول الله (ص) أن يلقى خالداً فقال: تيامنوا فأيّكم يعرف ثنيّة ذات الحنظل؟ فقال بُرَيدَة بن الحُصَيْب الأسلمي: أنا يا رسول الله عالم بها. فقال رسول الله (ص): اسلك أمامنا. فأخذ بُريدة في العصل قبل المغرب، فو الله ما شعر بهم خالد حتّى إذا هم بقترة الجيش[6]، فانطلق يركض نذيراً لقريش.
أمّا عدول النّبيّ (ص) عن الطّريق و عدم مواجهته طليعة المشركين الّتي كانت بقيادة خالد، فلعلّه أنّه (ص) لم يُرد أن يواجه تلك الطّليعة لكي يتجنّب أي اشتباك معها، يمكن أن يدفع بالأمور إلى حيث تصبح الحرب مع قريش أمراً مفروضاً لا يمكن تجنّبه، و قد يمكن لقريش أن تشيع: أنّ أصحابه، أو بعضهم هم الّذين