إلّا أن يكون مقصوده أنّه (ص) لم يُظهر لهم رأيه، بل تركهم يُظهرون له ما في نفوسهم من دون أي تحفّظ أو حياءٍ، و ليتحمّلوا، ثمّ ليتألّفهم بذلك، حتّى إذا اختلفوا كان هو الحاسم للخلاق برأيه الصائب و موقفه الحكيم.
و أخيراً، فإنّ لنا تحفظّاًعلى ما ذكره من أنّ ابن ابَي قد رجع بمن معه من المنافقين و بعض اليهود فإنّ ذكر اليهود هنا في غير محلّه؛ لأنّه (ص) لم يكن يحبّذ الاستعانة باليهود، كما أنّهم هم أنفسهم ما كانوا ليعينوه على قتال عدوّه، و لا يرضى قومهم بذلك منهم إلّا إذا كانوا يريدون أن يكونوا في جيش المسلمين عيوناً للمشركين. و لم يكن ذلك ليخفى على النّبيّ (ص) و لا المسلمين، و لعلّه لأجل ذلك نجده (ص) قد رفض قبولهم في هذه الغزوة بالذّات، و أرجعهم.
عقد الأَلْوِيَة
و بعد أن استشار رسول الله (ص) أصحابه و خرج عليهم لابساً لامة حربه، استخلف على المدينة ابن امّ مكتوم و عقد الألوية، فأعطى اللّواء أميرَالمؤمنين (ع)، كما نصّ عليه البعض.[1] و يقال: إنّه اللّواء الأعظم[2]، و كان لواء الأوس مع اسَيد بن حُضَير، و لواء الخزرج مع حُباب بن المُنذر، و قيل: مع سعد بن عباده.
قال القوشجي، في غزاة أحد جمع له الرّسول (ص) بين اللّواء و الرّاية.[3] و عن أبي رافع قال: كانت راية رسول الله (ص) يوم أحد مع على و راية المشركين مع
[1] 1. الأوائل لأبي هلال، ج 1، ص 183، و الثقات لابن حبان، ج 1، ص 224 و 225 و راجع: البحار، ج 20، ص 49 و تفسير القمي، ج 1، ص 112