رسول الله، إنّها قريش و خُيَلاؤُها[1] ما آمنت منذ كفرت، و ما ذلّت منذ عزّت، و لم تخرج على هيئة الحرب. فقال له رسول الله (ص) اجلس، فجلس؛ فقال (ص): أشيروا عليَّ. فقام عمر، فقال مثل مقالة أبي بكر، فأمره النّبيّ بالجلوس، فجلس.[2] ثمّ قام المقداد، فقال: يا رسول الله، إنّها قريش و خُيَلاؤُها، و قد آمنّا بك و صدّقناك و شهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند الله، و الله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا[3] و شوك الهَراس لخضناه معك و لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: «قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ»[4].
ولكنّا نقول: إذهب أنت و ربّك، فقاتلا، إنّا معكم مقاتلون. والله لنقاتلنّ عن يمينك و شمالك و من بين يديك ....
فأشرق وجه النّبيّ (ص) و دعاله و سرّ لذلك.[5] ثمّ قال: أشيروا عليَّ. و إنّما يريد الأنصار لانّ أكثر النّاس منهم، و لأنّه كان يخشى أن يكونوا يرون أنّ عليهم نصرته في المدينة، إن دهمه عدوّ، لا في خارجها فقام سعد بن معاذ، فقال: بأبي أنت و أمّي يا رسول الله، كأنّك أردتنا؟ فقال: نعم. فقال: فلعلّك قد خرجت على أمرٍ قد أُمرت بغيره؟ قال: نعم.
قال: بأبي أنت و أمّي يا رسول الله، إنّا قد آمنّا بك و صدّقناك و شهدنا أنّ ما جئت به من حقّ من عند الله، فمرنا بما شئت؛ والله، لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر