بما استعملوه ضدّه من أساليب غير منطقيّة، و إنّما تتميّز بالإهانة و الأذى، ثمّ السّخريّة و الاستهزاء الجارح و المهين.
3. هل كان هذه سفرة فاشلة؟!
و لربّما يتساءل البعض عن الفائدة لهذه الرّحلة الفاشلة؟ فنقول: إنّ هذه الرّحلة لم تكن فاشلة؛ فإنّ من الطّبيعي أن تترك هذه الحادثة آثاراً إيجابيّة من نوع ما في أذهان مَنِ التقى بهم و كلّمهم و أن تثمر فيما بعد ثمارها المطلوبة و المرجوّة منها، حيث قد أثرّت بشكل واضح في تهيئة الجوّ لإيمان ثقيف فيما بعد ذلك عندما قويت شوكة الإسلام، و لم تعد تخشى الضّغوط الاقتصادية و الاجتماعية عليها ممّن حولها، و لا سيّما من قريش؛ بل أصبح الضّغط من جانب المسلمين؛ لأنّ القبائل كانت تفد إلى النّبيّ (ص) فتعلن عن إسلامها، و يكتب لها كتاباً، و يشترط قطع العلاقات مع المشركين فأخافهم ذلك و أرعبهم.
و قد كانت قريش تَشيع عن النّبيّ (ص) أنّه مجنون، أو ساحر، أو كاهن، أو ... فها هو (ص) يتّصل بالنّاس مباشرة، و يلمسون بأنفسهم حقيقة الأمر، و يتعرّفون عن قربٍ على شخصيّته و خصائصه، بحيث تسقط كل الإشاعات الكاذبة و المغرضة، و ليصير الإيمان به و برسالته و بنبوّته أسهل و أيسر، و ليصبح أكثر قوّةً و عمقاً و رسوخاً.
عرض الإسلام على القبائل
لقد كان النّبيّ الأكرم (ص) يغتنم الفرصة في مواسم الحجّ؛ فيعرض على القبائل، قبيلة قبيلة، أن تعتنق الإسلام، و تعمل على نشره و تأييده، و حمايته و نصرته، بل كان لا يسمع بقادم إلى مكّة، له اسم و شرف إلّا تصدّى له و دعاه إلى الإسلام.
ولكن عمّه أبا لهب كان يتبعه أنّى توجّه، و يعقب على كلامه، و يطلب منهم أن لا يقبلوا منه و لا يطيعوه في شىءٍ. هذا بالإضافة إلى اتّهامه بالجنون و السّحر و