فاستهزؤوا به و قالوا: جنّ محمد بن عبدالله، و لم يجسروا عليه لموضع أبي طالب».[1] و جاء أيضاً: أنّه (ص) قام على الصّفا و نادى قريشاً، فاجتمعوا له، فقال لهم:
أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلًا في سفح هذا الجبل قد طلعت عليكم، أكنتم مصدّقى؟ قالوا: نعم، أنت عندنا غير متّهم و ما جرينا عليك كذباً قطّ. فقال: فإنّي «نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ»[2] فنهض أبولهب، و صاح به: تبّاً لك سائر اليوم،[3] ألِهذا جمعت النّاس؟ و تفرّقوا عنه؛ فأنزل الله تعالى: «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ» إلى آخر السورة.
المفاوضات الفاشلة
فلمّا بادي رسول الله (ص) قومه بالإسلام و صدع به، أعظموه و ناكروه و أجمعوا على خلافه و عداوته، إلّا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام و هم قليل مستخفّون.
و حدب على رسول الله (ص) عمّه أبوطالب، و منعه، و قام دونه، و مضى رسول الله (ص) على أمر الله مُظهراً لا يردّه شىءٌ.
فلمّا رأت قريش أنّ رسول الله (ص) لا يعتبهم من شىء أنكروه عليه، من فراقهم و عيب آلهتهم، و رأوا أنّ عمّه أباطالب قد حدب عليه، و قام دونه، فلم يُسلّمه لهم، حاولوا مفاوضة أبي طالب و هذه المفاوضات كما يرى ابن إسحاق و غيره قد مرّت بثلاث مراحل، انتهت كلّها بالفشل الذّريع.
الأولى؛ إنّه مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أباطالب، إنّ
[1] 1. راجع: تفسير نورالثقلين، ج 3، ص 34، عن تفسير القمي