و بعد أن أنذر (ص) عشيرته الأقربين، و انتشر أمر نبوّته في مكّة، بدأت قريش تتعرّض لشخص النّبيّ (ص) بالاستهزاء و السخريّة و أنواع التّهم، إذ أنّهم قد عرفوا جدّيّة القضيّة و أدركوا أبعادها.
و كان لذلك الاستهزاء تأثير على إقبال النّاس على الدّخول في الإسلام؛ فاغتنم النّبيّ (ص) لذلك جدّاً، و اعتبر ذلك عائقاً في سبيل انتشار دعوته و أداء مهمّته.
فأنزل الله عليه قرآناً يأمره بإظهار الدّعوة و الطّلب من كلّ أحدٍ، حتّى من جبابرة قريش و من جميع القبائل و الفئات، أن تُسلم لربّها، مشعوفاً ذلك بوعد أكيد، بأنّ الله سوف يكفيه المستهزئين، فيجب أن لا يهتمّ لهم، و أن يتجاهلهم، و ذلك حين نزل قوله تعالى:
فامتثل النّبيّ (ص) أمر الله و أظهر دعوته و طلب من النّاس جميعاً أن يسلموا لربّهم و يقولون: إنّه قام على الحجر، فقال:
«يا معشر قريش، يا معشر العرب! أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله، و أنّي رسول الله و آمركم بخلع الأنداد و الأصنام؛ فأجيبوني تملكون بها العرب، و تدين لكم العجم، و تكونون ملوكاً في الجنّة.