متمايزة عمّا ذكرناه من أقسام الشركة، متخالفة لها؛ ماهية و أثرا و حكما، و نشير هنا الى جهات و نواحي من البحث، و ان كان محله الفصل الثاني من الكتاب، و هي أربعة نواحي.
الناحية الاولى: في ماهيتها
فاعلم انّ للشركات التجارية بأجمعها شخصيات معنويات اعتبارية، في مستوى الشخصيات الحقيقية، فكما ان لكل انسان خارجي وجود و كيان في الاعيان، كذلك للشخصيات المعنوية في عالم الاعتبار.
و كما انّ لكل انسان حقيقي حقوقا مدنية و طبيعية ناشئة عن طبيعته الخاصة، فكذلك للشخصيات المعنوية، كالعناوين و الجهات الاعتبارية حقوق مثيل تلك، و هذا الأمر كان معهودا منذ العصور السالفة، مورد قبول جميع الطوائف و القبائل و المجامع، و أساسها الضروريات الاجتماعية.
و من مصاديقها الشرعية العناوين الخاصة، كالفقراء و المساكين و المسلمين و المساجد و الكعبة، بل عنوان الامامة و الولاية و غيرها في باب الانفال و الأراضي المفتوحة عنوة، و في الامور الخيرية و الصدقات و الوقوف.
و هذه العناوين و الجهات الاعتبارية، التي لها شخصيات ممتازة معنوية، توجد مقدمات خاصة مناسبة لها، و يثبت لها من الحقوق ما يناسبها من كونها مالكة و مملوكة و داينة و مدينة و خاسرة و معسرة و ياسرة دون ما لم يكن مناسبا الّا للشخصيات الحقيقة، كحقّ الالوهية و النبوة و غيرها، و تعدم بأسباب و امور خاصة، و لكل واحد منها تفاصيل مذكورة في محلها.
و يمكن أن يقال في ترسيم حقيقتها: انّ الانسان في تعهداته و مسئولياته و مواثيقه، له حالتان.
فانّه قد يكون نفسه بملاحظة جميع شئونه من شخصيته الاجتماعية، و حيثياته المأخوذة من امكانياته المالية و المعنوية- ملتزما و متعهدا للمسئولية و الميثاق، كما في أكثر مشاغله الفردية و الشخصية.