الجهة الرابعة فيما يدلّ على صحة العقد الذي ينشأ به الشركة بين الشركاء
لا ينبغي الشك في أنّ هذا أمر ثابت لدى العرف و ابناء العقلاء، و انّهم يعتبرون الشركة كما يعتبرون العقود الاخرى عند ايجادهم بعقودهم و تعهداتهم، و هذا ثابت عند ابناء العقلاء من الناس من المسلمين و غيرهم، و انّهم لا يفرقون بين التمليك في البيع و الزواج في النكاح، و بين المزارعة و المضاربة و الشركة، كل ذلك عقود و عهود بينهم و معتبر لديهم، و انّما الكلام في قبول الشرع تلك الاعتبار و العقد منهم، و رده.
تمهيد في المعاملات المستحدثة
قبل أن نتعرض بأدلة صحة عقد الشركة، لا سيما بشكلها الحديث: الشركات المدنية و التجارية.
نرى لزوم بيان القاعدة الكلية في صحة المعاملات المستحدثة و فسادها. فيسأل هل التعاقد في الاسلام حر حيث ما شاء المتعاملان، أو توقيفي؛ منحصر اتجاهه بأمر مذكور في الكتب الفقهية، بعناوينها الخاصة، فكل ما يرد من العقود المتداولة التي استحدثت الحضارة، لا بدّ من أن نعرض بتلك العناوين، فان كانت العناوين شاملة لها فهي تكون من مصاديقها و محكومة بحكمها و يحكم بصحتها من هذا المنهج، و ما لم يكن كذلك فهو غير مشروع؛ لعدم الدليل على صحّتها، لأنّ الأدلة الشرعية منصرفة الى ما كان معمولا به منذ عهد قديم، فلا يشمل المستحدثات.
و الحق؛ الذي يقتضيه النظر الدقيق؛ هو الأول، أي عدم توقيفية عناوين العقود، لانّ الشارع المقدس لم يخترع طريقة خاصة في المعاملات، بل أقرّ ما كانت متداولة بين الناس في شئون معاشهم، من بيع و ايجار و مضاربة و مزارعة، و ما كان معهودا عندهم حينئذ.