فهذه
الأقوال تشير بوضوح إلى المنهج الجديد الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في تعامله مع المشركين الذين تعرضوا له
ولأتباعه، والى انتفاء ما يسمى بسرية الدعوة.
دال ــ إنّ السبب الذي دفع أبا ذر في إرسال أخيه
إلى مكة هو لتقصي صحة الخبر الذي وصل إلى أهل غفار بظهور نبي جديد في مكة وهذا يدل
على انتشار أمر النبوة بمساحة جغرافية حدودها من لبنان إلى مكة.
وعليه: فأي
سرية كانت للدعوة وخبرها منتشر على هذه الرقعة الجغرافية؟!.
إذن:
فإن إعلان أبي ذر إسلامه يدل على أنه أسلم بعد انتشار أمر رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم؛ إذ لا يمكن أن يأتي أبو ذر إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ويسلم على يديه ثم يقوم بمخالفة أمر رسول الله فيكشف عن
دينه ويعرض نفسه للتهلكة فهذا الأمر لا ينسجم مع روح الشريعة الإسلامية ولا مع
شخصية أبي ذر رضي الله عنه. وما عرف عنه من صدق الطاعة والإخلاص
لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعليه: فقيامه بالإعلان عن إسلامه إنما هو ينصب في صميم
نهج رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم في
تسفيه أحلام قريش.