بِالقُذُوفِ. اللَّهُمَّ وَأيُّمَا غَازٍ غَزَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ.. فَلَقِّهِ اليُسْرَ، وَهَيِّئ لَهُ الأَمْرَ، .. وَتَخَيَّرْ لَهُ الأَصْحَابَ، وَاسْتَقْوِ لَهُ الظَّهْرَ، وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ، .. وَأَطْفِئ عَنْهُ حَرارةَ الشَّوْقِ وَأَجِرْهُ مِنْ غَمِّ الوَحْشَةِ، وَأَنْسِهِ ذِكْرَ الأَهْلِ وَالوَلَدِ))([642])؛ ((إنّ هذا النَّص يحشّد مضموناً بأفكار ترتبط بمتطلبات المعركة من حيثُ صياغة الشَّخصيّة المقاتلة، ومن حيثُ تشخيص العدو وطرائق خذلانه، .. وأمّا فنّيَّاً فيحتشد النّص بصور وإيقاعات متنوّعة: حتّى لا تكاد تمرّ فقرة إلاّ وتشكّل مع مثليتها فاصلة مقفاة (بعزتك، بقوتك، جدّتك)، (أسلحتهم، حوزتهم، حومتهم)، (بالوباء، بالأدواء)، (بالخسوف، بالقذوف). لكن عندما لا يستدعي الموقف (إيقاعاً منتظماً) حينئذٍ يختفي هذا العنصر؛ وذلك من نحو عرضه لهويات الأعداء: من الرُّوم، والتُّرك، والهند، والزِّنج، والسّقالبة، والدّيالمة.. إلۤخ، كذلك يحتشد النّص بعنصر الصُّورة، لكن من دون أن تتكثّف النِّسبة، وذلك لأنّ متطلبات كلّ دعاء تفرض حيناً تكثيفاً لعنصر الصُّورة وحيناً آخر تقليلاً له، .. وكذلك عنصر الإيقاع، وهو أمر يلازم كلّ عنصر فنّيّ.. لذلك لا نكاد نجد دعاءً يتخلّى عن عنصر الإيقاع، بخاصّة الفواصل المقفاة، لأنّ القرار المقفى يجسّد بروزاً إيقاعيَّاً أشدّ من الإيقاع الذي يحقّقه التَّجانس بين الحروف))([643]).

[637] الصّحيفة السّجّاديّة؛ تحـ/أنصاريان، دعاؤه لأهل الثُّغور, وورد بلفظ (وَأَطْفِ): 111- 112، وينظر: المعجم المفهرس لألفاظ الصّحيفة: باب الحاء-385، وينظر فيه أيضاً: باب السين-437, وباب الميم-548, وباب الطاء-469.

[638] تأريخ الأدب العربيّ في ضوء المنهج الإسلاميّ: 365 - 371، وينظر: أدب الشَّريعة الإسلاميّة: 257 - 263.