واستمرت الشعائر الحسينية بعد هذه الأحداث الطائفية المؤسفة في كل عام من دون
تسجيل أي مصادمات طائفية في يوم عاشوراء، إلا أن الفتن تجددت مرة أخرى في سنة (363
هـ / 973 م) أي بعد عشر سنين وهو ما أشار إليه ابن كثير بقوله: " في عاشوراء
عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والرافضة
وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه بعيد عن السداد وذلك أن جماعة من أهل السنة
أركبوا امرأة وسموها عائشة وتسمى بعضهم بطلحة وبعضهم بالزبير وقال نقاتل أصحاب علي
فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير وعاث العيارون([1221]) في البلد فساداً ونهبت
الأموال ثم أخذ جماله منهم فقتلوا وصلبوا فسكنت الفتنة"([1222]).
يظهر من خلال النص أن الطائفتين اتخذت من الاستغراق التاريخي منطلقاً
تعبيرياً للصراع الذي، اعتبر شخصية المقتول رمزاً لصراعه مع الآخر، فحرب الجمل هي
مطالبة العثمانية بدم الخليفة المقتول عثمان بن عفان، ويوم عاشوراء يوم مقتل الإمام
الحسين (عليه السلام) على يد الأمويين والذي تعبر الشعائر المقامة عليه باللطم
والنياحة وقراءة مقتله عن رمزية حزينة لاسترجاع
[1220] المنتظم 8 / 323؛ وينظر الذهبي: تاريخ الإسلام
26 / 13؛ ابن تغري بردي 3 / 336.
[1221] العيارون: جمع عيار، والعيار: الكثير الطواف
والحركة في الاسواق دون عمل. ينظر، العيني: عمدة القارئ 13 / 181؛ قلعجي، محمد:
معجم لغة الفقهاء 325.
[1222] البداية والنهاية 11 / 275؛ وينظر، العصامي
المكي: سمط النجوم العوالي 1 / 548.
نام کتاب : الشعائر الحسينية في العصرين الأموي والعباسي نویسنده : جعفر، محمد باقر موسى جلد : 1 صفحه : 409