وتنظر إليهم بعين الرحمة لهم لتعرضهم لمقت الله وعقوبته بعصيانه، فحسبهم جهنم يصلونها[963]، ولا تحقد عليهم ولا تسكن إليهم في مودتهم لك وثنائهم في وجهك وحسن بشرهم لك، فإنك إذا طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحداً وربما لا تجده.

ولا تشك إليهم أحوالك فيكلك الله إليهم، ولا تطمع أن يكونوا لك في الغيب والسر كما في العلانية، فذلك طمع كاذب. ولا تطمع بما في أيديهم فتستعجل الذل ولا تنال الغرض. ولا تظهر عليهم تكبراً لاستغنائك عنهم فإن الله يلجئك إليهم عقوبة التكبر بإظهار الاستغناء.

وإذا سألت أخاً منهم حاجة فقضاها فهو أخ مستفاد، وإن لم يقضها فلا تعاتبه فيصير عدواً تطول عليك مقاساته.

ولا تشتغل بوعظ من لا ترى فيه مخايل[964] القبول، فلا يسمع منك ويعاديك وليكن وعظك عاماً من غير تنصيص على شخص.

ومهما رأيت منهم كرامة وخيراً فاشكر الله الذي سخرهم لك، واستعذ بالله أن يكلك إليهم.

وإذا بلغك عنهم غيبة أو رأيت منهم شراً أو أصابك منهم ما يسوؤك فكل أمرهم إلى الله، واستعذ بالله من شرهم، ولا تشغل نفسك بالمكافاة فيزيد الضرر

[963] إشارة إلى قوله تبارك وتعالى في سورة المجادلة/ الآية 8، ونصها ((حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها)).

[964] في حديث الاستسقاء: "وأخلفتنا مخايل الجود"، جمع مخيلة، وهي: السحاب التي يظن أنها تمطر وليست بماطرة.

مجمع البحرين، الطريحي: 1/ 722، مادة "خيل".

وفي التهذيب: المخيلة بفتح الميم: السحابة. و الجمع: مخايل.

تاج العروس، الزبيدي: 7/ 313، مادة "خيل".