وإنما كان خلوف الفم ــ وهو تغير رائحته ــ أطيب
عند الله من ريح المسك لأنه سبب طيب الروح الذي هو عند الله من الإنسان كما أنه
بدنه عند نفسه، وإليه أشير في قوله تعالى: ((ماا عِندَكُمْ
يَنفَدُ وَماا عِندَ اللّهِ يبقى))[558]،
وأين طيب الروح من طيب المسك؟ فإن الأول روحاني عقلي معنوي والثاني جسماني حسي
صوري.
فصل
قال أبو حامد ما ملخصه: إعلم أن للصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم
الخصوص، وصوم خصوص الخصوص: أما «صوم العموم» فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوات.
وأما «صوم الخصوص» فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر
الجوارح عن الآثام، ويتم بأمور ستة:
الأول: غض البصر وكفه عن الاتساع في
النظر الى كل ما يذم ويكره، بل كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله تعالى. قال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها خوفاً
من الله أتاه الله إيماناً[559] يجد حلاوته في قلبه[560]. وقال صلى الله عليه
وآله وسلم: خمس يفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، واليمين الكاذبة، والنظر
بشهوة[561].
[558]
سورة النحل/ 96. ونصها:((ما عِندَكُمْ يَنفَدُ وَما عِندَ اللّهِ باقٍ
وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ ما كانُواْ يَعْمَلُونَ)).
[559]
في المستدرك: "فمن تركها خوفا من الله أعطاه إيمانا".
[560]
مستدرك الوسائل، النوري: 14/ 268، كتاب النكاح، باب تحريم النظر إلى النساء
الأجانب وشعورهن/ ح5.