واعلم أنه كما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت إلا
بالصرف عن غيرها فلا ينصرف القلب إلى الله تعالى إلا
بالتفرغ عما سوى الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا قام
العبد إلى صلاته وكان هواه وقلبه إلى الله[304]
انصرف كيوم ولدته أمه»[305]
ــ انتهى[306].
وروي عنه صلى الله عليه وآله
وسلم أنه قال: «أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة أن يحول الله وجهه وجه حمار»[307].
قيل: هذا نهي عن الالتفات عن الله
وملاحظة عظمته في حال الصلاة، فإن الملتفت يميناً وشمالاً ملتفت عن الله تعالى
وغافل عن مطالعة أنوار كبريائه ومن كان كذلك فيوشك أن تدوم تلك الغفلة عليه فيتحول
وجه قلبه كوجه قلب الحمار في قلة عقله للأمور العلوية وعدم فهمه للعلوم.
وفي مصباح الشريعة: قال الصادق عليه
السلام: «إذا استقبلت القبلة فأيئس من الدنيا وما فيها والخلق وما هم فيه، واستفرغ
قلبك من كل شاغل يشغلك عن الله تعالى، وعاين بسرك عظمة الله، واذكر وقوفك بين يديه
((يوم تَبْلُو[308]كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ
وَرُدُّواْ إِلى اللّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ))[309]، وقف على قدم الخوف
والرجاء[310].