وأخل
قلبك عن كل شاغل يحجبك عن ربك، فإنه لا يقبل إلا الأطهر والأخلص، فانظر من أي
ديوان يخرج اسمك، فإن ذقت من حلاوة مناجاته ولذيذ مخاطباته، وشربت بكأس رحمته
وكراماته من حسن إقباله عليك وإجاباته وقد صلحت لخدمته، فادخل فلك الإذن والأمان،
وإلا فقف وقوف مضطر قد انقطع عنه الحيل وقصر عنه الأمل وقضى الأجل، فإذا علم الله
من قلبك صدق الالتجاء إليه نظر إليك بعين الرأفة والرحمة،والعطف،ووفقك لما يحب
ويرضى، فإنه كريم يحب الكرامة لعباده المضطرين إليه المحترقين على بابه لطلب
مرضاته. قال الله تعالى:((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ))[301].[302]
الفصل
الثالث عشر: في الاستقبال
قال أبو حامد[303]): وأما الاستقبال فهو صرف لظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت
الله، أفترى أن صرف القلب من سائر الأمور إلى أمر الله ليس مطلوباً منك؟! هيهات
فلا مطلوب سواه.
وإنما هذه الظواهر تحريكات للبواطن وضبط للجوارح وتسكين لها
بالإثبات في جهة واحدة حتى لا تبغى على القلب، فإنها إذا بغت وظلمت في حركاتها إلى جهاتها استبغت
القلب وانقلبت به عن وجه الله، فليكن وجه قلبك مع وجه بدنك.