المسألة الثامنة: محاولة قتل النبي قبل وفاته بيوم واحد

بعد قيام النبي في يوم السبت بالرد على من طعن في تأميره لأسامة ولعن المتخلف منهم لهذه السرية قاموا في اليوم التالي أي في يوم الاحد بمحاولة قتل النبي والتعجيل بموته كي يمضي البعض بما عقدوا العزم عليه فكانت عملية (لدّه) انما هي محاولة للقتل وفي ذلك يقول ابن سعد: (فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله وجعه فدخل اسامة من معسكره والنبي مغمور وهو - اليوم- الذي لد فيه)[187].

وقد تناول كثير من الحفاظ والمصنفين حادثة اللد في الصحاح والسير والتواريخ بألفاظ متعددة ومختلفة في صياغتها وروايتها لتفاصيل الحادثة[188].

مما دعا بعض الباحثين الى النظر والتأمل في الحادثة فخلصوا الى انها: (لا يمكن أن تصح، وان ذكرها في صحيح البخاري وغيره لا يبرر الالتزام بها، وتصديقها ولعل سر اختلاقها هو اظهار صحة نسبة الهجر الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه ولعل النقيب المعتزلي يشير الى هذا في عبارته)[189].

أقول: لم يتضح معنى ان السر في اختلاق الحادثة هو اظهار صحة نسبة الهجر الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فماذا سينتفع المختلقون من اثبات الهجر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والنبي قد أعرض عن كتابة الكتاب، ومن ثم قد فوت الفرصة على المتهمين له بالهجر فوجه الانتفاع في هذا الاختلاق لا نراه متحققاً، فقد

[185] (الطبقات:ج2 ص191).

[186] صحيح البخاري، باب: مرض النبي، ج5 ص135؛ صحيح مسلم: ج7 ص24؛ السيرة النبوية لابن هشام: ج4 ص1065؛ تاريخ الطبري: ج2 ص437 كتاب الوفاة للنسائي: ص29 مسند ابن راهويه: ج5 ص42 صحيح ابن حبان: ج14 ص554 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: ج13 ص31 وج10 ص266،267 وغيرها من المصادر.

[187] الصحيح من سيرة النبي للعلامة العاملي:ج32 ص141.