وجْهِ
الشهيد الذي لاقى شهادته *** لقاءَ محرورةِ الصحراءِ بالسُحبِ
ويلون
الشاعر الخوري صوره بالدم ليُظهر تأسيه وحزنه على أبي عبد الله (عليه السلام)، ويعكس
عبر مرآة شعره التوحد مع قضية الحسين (عليه السلام)، لقد أدت الصور الحسية
دلالاتها المطلوبة بكل اتقان، فتطالعنا الان صورة حسية حركية غذتها دلالة
مفردة(عثرت)، ثم لونية اكتسبت الحمرة من(دم الوريد)و(دمي)[116]:
عُذراً أبا
الشهداء الصيد ان عثرت *** بي القوافي فلم أسهب ولم أصب
وكانَ
حقُّكَ عندي اليوم ملحمةً *** دمُ الوريدِ لها أو خفقةُ العَصب
لكنّني
ودمي يقتاتُ من تعبي *** جميعُ عمري أنا يقتاتُ من تعبي
فالصورة
الحسية لها جذورها في عالم اللاشعور، فلا يمكن أن نظنَّ هذه الصورة التي أظهرها
الشاعر بأنها قضية طارئة؛ لأن الشاعر يحبُّ الفكرة ويهيم بها أولاً، ومن ثم يطلق
مشاعره صوبها كي يملأ كلماته بأحاسيسه، وحين يتمثل الشاعرُ الموقف ويحسّ به، تخرج
الصورة مشعّة بصدقها الفني، وتكشف لنا الصورة الأدبية الحسينية تأثير الموقف
الحسيني في شاعر مسيحي إنساني آخر هو الشاعر بولس سلامة من خلال ملحمته التي كتبها
عام 1946م، وأثنى عليه العلامة الجليل الحجة السيد عبد الحسين شرف الدين وهو من
كبار فقهاء لبنان، إذ يقول الأستاذ بولس "ولربّ معترضٍ يقول: ما
[115] مجلة الرابطة، العدد
الرابع، السنة الثالثة، النجف الأشرف، 1977م، /119.