الكريم بما يجلب انتباه المتلقي، ويثير فيه الإعجاب
والتأمل، فقد كانت القرآنية مهيمنة على نصوصه، مستغلاً إياها في تشكيل صوره،
وتحريكها بفعالية عالية، فهو يربط بين النصوص القرآنية أحداثاً وشخوصاً وقصصاً،
وما جرى في واقعة الطف الأليمة، وهذه السمة وما شابهها من التضمينات الأخرى رصدها
جامع ديوانه الشيخ محمد علي اليعقوبي، حين وصفه بقوله: "نجده يمتاز على شعر
غيره ممن عاصره أو تقدَّم عليه أو تأخر عنه فيما أودعه من التلميح بل التصريح على
الأغلب إلى حوادث تاريخية وقصص نبويَّة وأمثال سائرة ليتخلَّص منها إلى فاجعة الطف
مما يحوج القارئ إلى الإلمام بكثير من القضايا والوقائع ومراجعة الكتب
التاريخية.."[333].
وكان الاتكاء على القرآن الكريم أحداثاً وشخوصاً وقصصاً
هو الأبرز من حيث التوظيف، والأوضح الذي عمد إليه الشاعر في طفياته، وجاء البحث
ليكشف عن أبعاد هذه الظاهرة في ضوء خطة كانت ثوابتها متكونة من تمهيد تناولنا فيه
نقطتين، الأولى: تعريف موجز بحياة الشاعر صالح الكواز الحلي ومنزلته الأدبية،
والثانية: تناولنا فيها مفهوم القرآنية وأسباب تبنيه دون غيره من الاصطلاحات
القريبة منه كـ(أثر القرآن) أو (التناص القرآني)، وأعقب التمهيد مبحثان، تضمن
المبحث الأول البنائية القرآنية في طفيات الشيخ صالح الكواز الحلي، وأوضحنا فيه
طبيعة توظيف الشاعر القرآنية على مستوى القصيدة وأثرها في بنائها الفني.
أما الثاني فتناولنا فيه التقنيات القرآنية في الطفيات،
وكانت تقنيتين، الأولى: القرآنية المباشرة غير المحورة، والثانية: القرآنية
المباشرة المحورة[334].
وأشفع المبحثان بخاتمة ضمَّت أبرز النتائج التي توصل
إليها البحث.
[334] أشار الدكتور مشتاق عباس معن مجترح مصطلح (القرآنية)
إلى تقنية ثالثة وهي القرآنية غير المباشرة المحوَّرة، وهو ما لم يتوافر في
أنموذجه التطبيقي، وكذلك لم يتواجد في أنموذجنا (الطفيات). ينظر: تأصيل النص: 183.