إذن: تبقى
هذه العلاقة بين الجن والإنس قائمة إلى يوم القيامة، وإن تفاوتت الرؤى والأفكار
والثقافات، ولعل كثيراً من هذه العلاقات هي أنشط وأعمق بكثير مما كانت عليه في
السابق؛ إذ أصبح الإنسان لا يهاب الشياطين ولا ترهبه الجنّ لاسيما وهو يشاهد في
ليله ونهاره من المشاهد السينمائية وأفلام الإثارة والألعاب الإلكترونية ما يعجز
عنه الجنّ في حقائقهم الذاتية.
المحور الرابع: اعتقاد العرب بأن الشياطين
ملهمو الشعراء
بقي في هذه
العجالة أن نشير إلى نوع آخر من العلاقة فيما بين الجن والإنس قبل الإسلام لنصل في
نهاية الدراسة إلى أن العقيدة بالجن والشياطين متلازمة تلازماً وثيقاً بعبادة
الأصنام، فما من صنم أو وثن إلا وله شيطان يقبع فيه كانت الكهنة على تواصل معه وهم
الوسيلة الوحيدة فيما بين الناس والأصنام ــ كما سيمر بيانه ــ.
أما هذا
النوع من الاعتقاد، أي: أن الشياطين ملهمو الشعراء فقد أشارت كثير من النصوص
الشعرية إليه حتى (زعموا إنّ مع كل فحل من الشعراء شيطانا يقول ذلك على لسانه
الشعر)[104]؛ (ومن كان شيطانه أمرد كان شعره أجود)[105].
فكانت هذه
النصوص كالآتي:
1 ــ قال
امرؤ القيس:
تخيرني
الجنُ أشعارها *** فما شئت من شعرهن اصطفيت[106]