بن شيرين المؤمنة التي قد عرفتم حقها وإحسانها إلى أهل ملتنا مع ما نال
النصارى في ملك جده أنوشروان من الشرف فينبغي أن نحزن لقتله ونبني له ناووساً
فأجابوه إلى ذلك وبنوا له ناووساً وأخرجوا جثته وكفنوها ودفنوها في الناووس. وكان
ملكه عشرين سنة منها أربع سنين في دعة وست عشرة سنة في تعب من محاربة العرب إياه
وغلظتهم عليه وكان آخر من ملك من آل أردشير بن بابك وصفا الملك بعده للعرب [561].
ما قاله البلاذري في مقتل يزدجرد
ذكر البلاذري أنّ يزدجرد هرب من المدائن إلى حلوان، ثم إلى إصبهان. فلما
فرغ المسلمون من أمر نهاوند هرب من إصبهان إلى إصطخر. فتوجه عبد الله ابن بديل بن
ورقاء بعد فتح إصبهان لاتباعه فلم يقدر عليه. ووافى أبو موسى الأشعري إصطخر فرام
فتحها فلم يمكنه ذلك، وعاناها عثمان بن أبي العاصي الثقفي فلم يقدر عليها. وقدم
عبد الله بن عامر بن كريز البصرة سنة تسع وعشرين، وقد افتتحت فارس كلها إلا إصطخر
وجور، فهمَّ يزدجرد بأن يأتي طبرستان. وذلك أن مرزبانها عرض عليه وهو بإصبهان أن
يأتيها وأخبره بحصانتها، ثم بدا له فهرب إلى كرمان، واتبعه ابن عامر مجاشع بن
مسعود السلمي وهرم بن حيان العبدي، فمضى مجاشع فنزل بيمنذ من كرمان، فأصاب الناس
الدمق، وهلك جيشه فلم ينج إلا القليل، فسمى القصر قصر مجاشع. وانصرف مجاشع إلى ابن
عامر. وكان يزدجرد جلس ذات يوم بكرمان، فدخل عليه مرزبانها فلم يكلمه تيهاً، فأمر
[561]
أنظر: الكامل في التاريخ, ابن الأثير, ج3 ص 119.