بعد أن
أخذنا صورة عن تأسيس المذاهب الأربعة ، ووقفنا على أهداف الحكّام
من احتواء الفقهاء ، وتدوين الفقه وحصره بهذه المذاهب ،
لابدّ من ملاحظة السير التاريخيّ لمسألة الوضوء في هذا العصر ، كما لابدّ من نقل آراء علماء المذاهب فيه رواية وفتوىً ، ثمّ مقابلتها بآراء أئمّة مذهب التعبّد المحض (مذهب أهل البيت) ، لتشخيص امتداد موارد الخلاف ـ التي حدثت في عهد عثمان ، وما أُضيف إليها من جزئيّات وفروع ـ في العصور اللاحقة .
إنّ التثليث في غسل الأعضاء وغسل الأرجل كان المدار
الأوّل للاختلاف بين المسلمين في عهد عثمان ، لكنّا نراه يتطوّر ، فنرى ابن عمر يغسل رجليه سبع مرّات
ويعدّ الوضوء هو الإنقاء[904] ، وأبو هريرة يغسل يديه حتى يبلغ إبطيه[905] و «رَفَعَ في عضديه الوضوء ورجليه فرفع
في ساقيه»[906] ، وفي مصنف ابن أبي شيبة «فلما غسل
ذراعيه جاوز المرفقين ،
فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين[907] .
وفي
رواية اُخرى فقلت له : ألاّ تكتفي بما فرض الله عليك من هذا .
[904] فتح الباري 1 : 240 / باب إسباغ الوضوء
/ ح 139 ، وعنه في مواهب الجليل 1 : 262 .