يا أبا بكر لعلّـك أغضبتهم ، لئن كنـت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك ،
قال : فرجع أبو بكر ، فقال : يا إخوة ، لعلّكم غضبتم . قالوا : يغفر الله لك يا أبا بكر[720] !
وقد كان بين بلال
وعمر اختلاف في وقت الأذان ، أدّى بهم من بعد أن يختلقوا صحة أذان ابن أم مكتوم الأعمى في الفجر ، مخطّئين أذان بلال لعدم تشخيصه الفجر الصادق ،
لضعف في بصره !![721]
روى الأوزاعي أنّ
بلالاً أتى عمر بن الخطّاب فقال : الصلاة الصلاة ، فردّدها عليه ، فقال له عمر : نحنُ أعلمُ بالوقت منك ، فقال له بلال : لاَنا أعلم بالوقت منك ، إذ أنت أضلّ من حمار
أهلك[722] !
وفي زحمة هذا
التضادّ السياسي الفقهي بين بلال من جهة ، وأبي بكر وعمر
وأتباعهما من جهة ، يبدو أنّهم طلبوا منه حذف « حيّ على خير العمل » وإبدالها بـ « الصلاة خير من النوم » ، فرفض بلال ذلك ، ولذلك رفضوا بلالاً ورفضهم ، ونسبوا إلى بلال ضعف
البصر واللثَّغة في اللسان وغيرها من الأمور الجارحة ،
وجاءوا بدله بسعد القرظ وأبي محذورة ، ووضعوا أحاديث نسبوها
إلى بلال ، وكأنّه أذّن بـ « الصـلاة خير من النوم » في زمان النبيّ ، مع أنّ الصحيح نسبته إلى بلال عكس ذلك ،
فإنّه اذّن بـ « حيّ على
خير العمل » لا
الصلاة خير من النوم .
على أنّ بلالاً كان
هو أقرب المشاهدين لما واجهوا به النبيَّ قبيل وفاته ،
وكيف تخلفوا عن جيش أسامة ، وقدّموا أبا بكر للصّلاة .
كان بلال على علم بما
يجري من حوله ، ولذلك اعتزل القوم ونجا بدينه وأذانه