فبماذا يُفَسَّر
إذاً خلاف ابن عمر مع أبيه ؟ نحن لا نريد بكلامنا هذا القول بأنّ ابن عمر كان من اتباع نهج التعبد
المحض ، أو أنّه لا يجتهد مقابل النص ،
لكن الصبغة الغالبة عليه هي شـهرته بتحري أثار رسـول الله واتّـباع سـننه لا
الاجتـهاد والرأي .
ولمّا كان عمر هو
الذي أمر بـ « الصلاة خير
من النوم » ، وهو الذي نهى عن « حيّ على خير العمل » ، كان فعل الصحابة في هذا المورد هو الحاكم وهو الحجّة عندهم بخلاف ما
يدّعون من أنَّ فعل النبيّ الأكرم هو الحجة لا غير .
وبهذا ، فقد عرفنا شرعية الأذان بحيّ على خير العمل ،
وانه لم ينسخ من قِبَلِ رسول الله 0 كما يقولون ، وما ذُكِر من إشكالات كلّها كانت واهية لا تناهض الأدلة ، بل وقفتَ على بعض تحريفات الأمويين ومن اتبعوهم من المتزلفين
المتزلفين وكيف حرّفوا قول أبي محذورة ( فلما انتهيت إلى حيّ على الفلاح قال النبيّ 0 : ألحِق فيها حيّ على خير العمل ) ، وأبدلوها بـ ( اجعل في آخر أذانك حيّ على خير العمل ) فان هذا الكلام باطل وتحريف صريح للنصوص .
لأنّ « ألحِق فيها
حيّ على خير العمل » يؤكد
على أن مكان الحيعلة الثالثة هو بعد الحيعلتين لا كما تقول الرواية المفتعلة بأنّها
في آخر الأذان ، فـ « الصلاة خير
من النوم » تتفق مع
كونها آخر الأذان لتأخر تشريعها ، أما الحيعلة الثالثة فهي بعد الحيعلتين ، إلّا
أن يقولوا بأن الحيعلة الثالثة أو الصلاة خير من النوم ـ كما
في الرواية الاخرى ـ هو آخر الأذان ، مسقطين بذلك التكبير والتهليل عن اخر الأذان وهذا ما لا يقوله أحد .
وعليه فيكون الصحيح
الذي يتفق مع فصول الأذان هو ما رواه الحافظ العلوي بإسناده عن ابي محذورة لا ما
حرفه الذهبي وابن حجر ، فتدبر .