الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَ شَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِلذِّمَامِ بِغَيْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ، وَ تُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَ آثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى عَمَلِ الْآخِرَةِ، وَ لَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، وَ قُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ وَ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا، الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ».
فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ [1]، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْدِ، فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ، وَ السَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا: أَصْفَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ، عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ، وَ الْأُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ تُضِيءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ، فِيهَا عَلَقَةٌ كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَ أُمِّيٍّ.
يَخُوضُ الْبِحَارَ، وَ تَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ، وَ خَلْفَهُ جَبَلٌ أَبْيَضُ، يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ طَعَامٌ، يَخْرُجُ حِينَ يَخْرُجُ فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أَقْمَرُ، خُطْوَةُ حِمَارِهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ مَنْهَلًا مَنْهَلًا، لَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا غَارَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الشَّيَاطِينِ،
______________________________ [1] الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ: التَّمِيمِيِّ السُّلَمِيِّ الْحَنْظَلِيِّ الْمُجَاشِعِيِّ أَبُو الْقَاسِمِ، مَشْكُورٍ مِنْ خَوَاصِّ الْإِمَامِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَدْ عُمَرَ بَعْدَهُ، وَ هُوَ مِنْ شَرْطَةِ الْخَمِيسِ، وَ قَدْ شَارَكَ فِي يَوْمَ صِفِّينَ، وَ هُوَ الَّذِي أَعَانَهُ عَلَى غُسْلِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيَّ، وَ كَانَ شَيْخاً نَاسِكاً عَابِداً، عَدَّهُ الْبَرْقِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ عَلِيِّ ع، وَ زَادَ الشَّيْخُ عَلَيْهِ الْإِمَامِ الْحَسَنِ ع.
انْظُرْ رِجَالٍ النَّجَاشِيِّ: 8/ 5، رِجَالٍ الْبَرْقِيُّ: 5، فِهْرِسْتُ الشَّيْخُ: 85/ 119، رِجَالٍ الْعَلَّامَةُ:
77/ 141، رِجَالٍ الشَّيْخُ: 34/ 2 وَ 66/ 2، مستدركات النمازي 1: 691 وَ 692.