اللَّهُ كَلَامَكَ وَ عَلِمَ مَا أَرَدْتَ، وَ اللَّهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَ لَكِنْ لِذَلِكَ عَلَامَاتٌ وَ أَمَارَاتٌ وَ هَنَاتٌ [هَيْئَاتٌ][1] يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْوِ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا» فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ ع: «احْفَظْ فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ، وَ أَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَ اسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَ أَكَلُوا الرِّبَا، وَ أَخَذُوا الرِّشَا، وَ شَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَ بَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَ اسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَ شَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَ قَطَعُوا الْأَرْحَامَ، وَ اتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ، وَ اسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ.
وَ كَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً[2]، وَ الظُّلْمُ فَخْراً، وَ كَانَتِ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَ الْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَ الْعُرَفَاءُ[3] خَوَنَةً، وَ الْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَ ظَهَرَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَ اسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَ قَوْلُ الْبُهْتَانِ، وَ الْإِثْمُ وَ الطُّغْيَانُ، وَ حُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَ زُخْرِفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَ طُوِّلَتِ الْمَنَائِرُ، وَ أُكْرِمَ الْأَشْرَارُ، وَ ازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَ اخْتَلَفَتِ الْقُلُوبُ، وَ نُقِضَتِ الْعُهُودُ، وَ اقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ، وَ شَارَكَتِ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِي التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَ عَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَ اسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَ كَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَ اتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَ صُدِّقَ الْكَاذِبُ، وَ اؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَ اتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ[4] وَ الْمَعَازِفُ، وَ لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَ رَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ، وَ تَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ، وَ شَهِدَ
[1] في كمال الدّين: و هيئات.
[2] في نسخة« س» و المختصر المطبوع: العلم ضعيفا.
[3] العرفاء: واحده العريف و هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من النّاس، يلي امورهم و يتعرّف الأمير منه أحوالهم. لسان العرب 9: 238- عرف.
[4] القينات: المغنّيات. لسان العرب 13: 352- قين.