نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 585
الدم أو من دون الإغتسال ـ لا
باستحباب الوطء بعد غسل المحلّ أو بعد الإغتسال ـ وذلك لأنّ الأمرَ بالإتيان في
هكذا مواضع يفيد الإباحةَ مثل قوله تعالى [وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا][596] ولا يحتمل أن يفيد
الوجوبَ .
ولك أن تقول : حينما يقول اللهُ
تعالى [.. فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ] معنى ذلك أنّ الحرمة منصبّة
على خصوص حالة ما لو كانت حائضاً ، أمّا بعد ذلك فيجب ـ طِبقاً لهذه الآية
المباركة ـ أن يكون ذلك جائزاً . ولك ـ مع الوسوسة ـ أن ترجع إلى أصالة الجواز
والحِلّية .
وعلى أيّ حال ، فاللهُ تعالى
يريد من عباده أن يفعلوا الراجح ولا يفعلوا المرجوح ، فإنّ الله [يُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ] أي الذين يُطَهّرون
أبدانَهم بالإغتسال ، وهو أمر معلوم الرجحان عقلاً ... وهل يحبّ الله تعالى إلاّ
الطهارة لعباده ؟! والتطهُّرُ أمْرٌ فوقَ الطهارة التلقائية ـ التي هي مجرّد
النقاء من الحيض ـ وهو هنا الإغتسال .
وقرأ إماما قرّاء الكوفة
بالتشديد ، وهما حمزة بن حبـيب الزياتكان شيعياً) والكسائي (هو علي بن حمزة السالف الذكر في
الحاشية السابقة) فقرءا : يطَّهَّرْنَ بالتشديد أي يتطهرن ، وسكت الإمام الصادق والإمام
الكاظم (ع) عن ذلك ، ممّا يعني أنهما رضيا بقراءتهما أيضاًُ ! والظاهر من
[يَطَّهَّرْنَ] هو الإغتسال ، لا غسل موضع الدم ، فإنه لا يطلق على غسل موضع الدم (يتطهر)
وإنما يقال له (حتى يغسل موضع الدم) ، لأنّ معنى يتطهر هو أنه كلَّه يتطهّر ، قال
تعالى [وإنْ كُنـتمْ جُنُباً فاطَّهَّرُوا][597]، على أنه لا بأس
بإتيان المستحاضة رغم وجود دم ، وعلى هذا المعنى يجب القول ـ بقرينة [ وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ] ـ أنّ
الحرام هو مقاربتها أثـناء الحيض فقط ، فيكون الإغتسال رافعاً للكراهة .
ولو تردّدنا في معنى [فإذا
تطهّرن] بين معنى الإغتسال ومعنى تطهير موضع الدم فإنـنا نرجع إلى أصالة جواز
الوطء مع غَسل موضع الدم .
* وهنا يجب قولُ الكلمة التالية وهي
أنه مع إمضاء المعصومين (ع) لكلتا القراءتين ، فلا يجب علينا أن
نُرَجّح نحن قراءةً على اُخرى ، وإنما يجب القولُ بالتخيـير بـينهما ، فنحن لا
نريد إلاّ ما أمضاه أئمّتـنا (ع) ، ولا
يهمّنا عينُ ما نزل ، وذلك لأنهم (ع) هم الحقّ ، وقولهم الصدق ، وهذا
يعني أنّ ما يقولونه كلّه الواقع ، وأنّ التخيـير واقعي لا ظاهري .