نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 235
4 ـ أم أنّ موضوع التكليف واحد
منهما ـ الحكمُ الواقعي ولو لم يصل إلى المكلّف أو مجرّدُ الإعتقاد بوجود حكم ـ
فأيّهما وُجِدَ كان الإنسانُ مكلّفاً .
والجواب : انّه لا شكّ في أنّ موضوع
تـنجيز الحكم الواقعي هو ـ كما في الإحتمال الثالث ـ الحكم الواقعي المعلوم ،
هذا على مسلكنا بأصالة البراءة العقلية ، وهو ما يسمّونه بمسلك أو قاعدة قبح
العقاب بلا بـيان ، أمّا على مسلك حقّ الطاعة فهو الحكم الواقعي المحتمل . أمّا
عندنا فمجرّدُ وجودِ حُكمٍ شرعيّ في عالم الجعل مع عدم الإعلام به لا يكفي لتـنجيزه
على المكلّف ، نعم إذا كانت مقدّمات وجوبه فعلية يكون الحكم الواقعي فعلياً حتى
ولو لم يكن منجّزاً على المكلّف لجهله به .
إذن موضوع استحقاق العقاب
وعلّتُه ـ مع غضّ النظر عن نفس الفعل ـ هوالإعتقادُ بوجود حكم إلزامي ، أي
الإعتقاد بالمعصية ، مثال ذلك : لو فرضنا أنّ المتجرّي كان يشرب الخلّ مثلاً وهو
يعتقد بأنه خمر ، فإنه لا يتسجّل عليه ـ لا في الدنيا ولا في الآخرة ـ أنه شرب
الخمر ـ كما ذكرت الروايات السابقة ـ نعم يتسجّل عليه نيّته السيّئة ، ويستحقّ
العقاب على نيّته السيّئة ، وهذا هو مرادنا من أنّ موضوع استحقاق العقاب هو سوء
النيّة ، بمعنى أنّ المتجرّي يستحقّ العقاب حتى ولو لم يكن يوجد حكم شرعي في
الواقع .
وما ذكرناه من استحقاق العقاب
عليهما معاً هو حكم العقل العملي بذلك ، أو قُلْ إدراك العقل العملي لذلك ، وذلك
بناءً على مولويّة المولى تعالى ، وقبح الخدشة بمولويّة المولى ، وليس أمراً
عقلائياً محضاً ، وذلك لأنّ حُسْن العدلِ وقُبْحَ الظلمِ ليس مرجعُهما إلى
المجعولات العقلائية ، وإنما هي اُمور عقلية ضرورية من باب الأوّليّات التي يكفي تصوّر
طرفيها وتصوّر النسبة بـينهما في الجزم بالنـتيجة ، كقولنا (الكلّ أعظم من الجزء)
، فأنت مجرّد أن تـتصوّر المولى تعالى وتـتصوّرَ تجرُّءَ العبد اتّجاهه تـتصوّر
شدّة قبح صدور التجرّي من العبد ، فهو إنما أراد معصية المولى وشِرْبَ الخمرِ لكنه
ـ خارجاً عن اختياره ومن دون إرادته ـ شَرِبَ الخلَّ .
* ثم اعلمْ أنّ استحقاق العقاب يكون
ثابتاً عقلاً حتى ولو لم يكن العاصي محبّاً للمعصية بعنوانها ، إنما أتى بها من
باب التساهل في دِين الله ، لا بل قد تكون بعض الحالات معصية لا تجرّؤاً فقط ،
وذلك كما في الأمثلة التالية :
الأوّل : لو شرب شخصٌ الخمْرَ
عالماً به ، لكن لا للشوق إلى شرب الخمر وإنما بقصد التبريد فقط ، بل قد يكون
كارهاً أحياناً لشرب الخمر ، فهنا لا إشكال في قبح فعله وكونه مستحقّاً للعقاب على
نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 235