فلو
أظهر الكفر لا يؤخذ بإقراره ولا يحكم بكفره بل تجري عليه أحكام الإسلام كما
كان سابقا إلى أن يبلغ فيظهر الكفر بعد بلوغه، فالصبي أيضا حاله حال
المجنون.
وكذلك المكره لو فرضنا أنّه أجبر على أن يتلفّظ بما هو موجب للكفر من إنكار
الصانع أو النبوّة أو المعاد أو ما يرجع إلى شيء من ذلك، فأظهر الكفر
مكرها أو خوفا من القتل أو شبه القتل أيضا لا يحكم بكفره قال تعالى (إِلاََّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمََانِ)[1] فهذا لا بأس به بمقتضى الآية المباركة وبمقتضى ما دل على رفع ما استكرهوا عليه[2]، فلا يحكم بارتداده. حكم من أظهر الكفر ثمّ ادّعى الإكراه:بقي
الكلام فيما إذا أظهر الكفر وادعى أنّه كان مكرها على ذلك، فهل تسمع منه
هذه الدعوى أو لا تسمع ما لم يثبت بقرينة أنّه كان مكرها؟ فلو لم تكن هناك
قرينة دالة على الإكراه يحكم بأن الفعل صادر عن إرادة وعن اختيار فيحكم
بكفره؟ فيه كلام: نسب إلى المشهور أنّه يسقط عنه الحد إذا ادعى الإكراه،
لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وهذا من موارد الشبهة لا يعلم أن هذا الكلام صدر
عنه عن إكراه أم أنّه صدر عن اختيار فهو من موارد الشبهة، والحدود تدرأ
بالشبهات فلا يقتل.
ولكن الصحيح أنّه لا أثر للدعوى ما لم تثبت بقرينة، والوجه في ذلك أن ما
ذكر من أن الحدود تدرأ بالشبهات ليس لهذه الرواية أصل، وإنّما هي مرسلة
رواها
[1] النحل: 19. [2]راجع أصول الكافي 2: 462 باب ما رفع عن الامة.