الحمد للَّه الواحد [1] المُتوحّد، و الفرد المُتفرّد، الّذي توحّد بالتوحيد في
الفاتر في شرح الحديث الشريف، مُعترفاً بالتقصير و القصور، و مُتوكّلًا على ربّ الأنام في المبدأ و الختام، فنقول مُستعيناً بالرّب المُعين، و مُتمسّكاً بولاية أوليائه المعصومين:
قوله: الواحد المتوحّد.
أمّا كونه جلّ بُرهانه واحداً فظاهر، و أمّا كونه مُتوحّداً فلظهوره في ملابس الكثرات، و تجلّيه في مرائي التعيّنات، فهو تعالى مع ظهوره في الكثرات لا يخرج عن الوحدة الحقّة الحقيقيّة، فمن حيث كونه واحداً مُتوحد، و من وجه كونه مُتوحّداً واحد، و الكثرات غير موجودة حقيقةً، و التعيّنات في الغيب أزلًا و أبداً، و سيأتي بعض التحقيق إن شاء اللَّه في المواضع اللائقة به.
قوله قدّس سرّه: توحّد بالتوحيد.
كونه تعالى مجده مُتوحّداً بالتوحيد و مُتفرّداً بالتفريد؛ فلأنّ الإمكان من شأنه الكثرة، و المُمكن من ذاته الغيريّة، و الوحدة عارضة لها من الصقع الربوبى، فالمُمكنات بحالها الذاتيّة مُتكثّر، و بحالها الوجوديّة واحد، إلّا أنّ الوحدة من عالم الوجود، فكلّ الوحدات من حضرته، فهو مُتفرّد بالتفريد و مُتوحّد بالتوحيد، و ممّا ذكرنا ظهر قوله «انبجست منه الكثرات بجملتها لوحدته» الذي هو مأخوذ من كلام المُعلّم الأوّل في اثولوجيا [2] فإنّ الوحدة مرجعها الوجوب و الغنى و القيوميّة، و الكثرة مرجعها الإمكان و الفقر و التقوّم، فكلّ الكثرات تبدأ من حضرة الوحدة و ترجع إليه «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ»[3] فالوحدة علّة انبجاس الكثرات، و الفرديّة مصدر التعيّنات، كما إنّهما علّة الرجوع.