عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الرِّضَا (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيَجُوزُ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً، وَ أَعْظَمُ شَأْناً، وَ أَعْلَى مَكَاناً، وَ أَمْنَعُ [1] جَانِباً، وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ تَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ؟
إِنَّ الْإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ إِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ، إِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّهِ وَ خِلَافَةُ الرَّسُولِ وَ مَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مِيرَاثُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام)، إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ؟
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ [2] ضَلَّتِ الْعُقُولُ وَ تَاهَتِ الْحُلُومُ وَ حَارَتِ الْأَلْبَابُ وَ خَسِئَتِ الْعُيُونُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ وَ أَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ وَ التَّقْصِيرِ وَ كَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّهِ أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِهِ أَوْ يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَ يُغْنِي غِنَاهُ؟ لَا، كَيْفَ وَ أَنَّى وَ هُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ وَ وَصْفِ الْوَاصِفِينَ وَ أَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا وَ أَيْنَ الْعُقُولُ مِنْ هَذَا وَ أَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا؟
رَامُوا [3] إِقَامَةَ الْإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ وَ آرَاءٍ مُضِلَّةٍ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْهُ إِلَّا بُعْداً، رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ وَ اخْتِيَارِ رَسُولِهِ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَ الْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ: وَ رَبُّكَ
[مَوْضِعٍ الْحَاجَةِ 199- 200]. وَ الْآيَةِ فِي الْقُصَصِ: 68 وَ الاحزاب: 36.
الْوَافِي، 3/ 479، خَصَائِصِ الْحِجَّةِ، الْبَابِ 54، فَضْلِ الْإِمَامِ، الْحَدِيثَ 1.
رَاجَعَ الْبِحَارُ، 35/ 120، تَارِيخِ امير الْمُؤْمِنِينَ، الْبَابِ 3، فِي نَسَبُهُ وَ احوال ...، الْحَدِيثَ 4.
فِي الْكَافِي: الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ (رحمه اللّه) بَدَلَ مَا فِي الحجرية: الْقَاسِمِ الْعُلَا فِي كِتَابِنَا: بِمَنْزِلَةِ الانبياء وَ مَا هُنَا أَثْبَتْنَاهُ مِنْ الحجرية وَ هُوَ الْمُطَابِقِ للمصدر.
لِلْحَدِيثِ صَدْرِ وَ ذَيْلِ، وَ قَدْ وَصَلَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ قَطَعَ مُتَفَرِّقَةً مِنْ الْحَدِيثَ بِلَا تَنْبِيهِ.
[1] اي ارْفَعْ، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).
[2] هَيْهَاتَ اي بَعْدَ وَ الْمُرَادُ هُنَا الْبُعْدِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).
[3] رَامُوا اي قَصَدُوا، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).