وَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ضَرَبَ لَنٰا مَثَلًا إِلَى قَوْلِهِ: أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يُجٰادِلُ فِي اللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لٰا هُدىً وَ لٰا كِتٰابٍ مُنِيرٍ*، كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلّٰاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَ يَهْدِيهِ إِلىٰ عَذٰابِ السَّعِيرِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا يَدُلُّهُمْ عَلَى صِفَةِ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِمْ وَ أَوَّلِ إِنْشَائِهِمْ: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنّٰا خَلَقْنٰاكُمْ مِنْ تُرٰابٍ إِلَى قَوْلِهِ: لِكَيْلٰا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً، فَأَقَامَ عَلَى الْمُلْحِدِينَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قَالَ مُخْبِراً لَهُمْ: وَ تَرَى الْأَرْضَ هٰامِدَةً إِلَى قَوْلِهِ: وَ أَنَّ اللّٰهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ اللّٰهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيٰاحَ إِلَى قَوْلِهِ: كَذٰلِكَ النُّشُورُ فَهَذَا مِثَالٌ أَقَامَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ [بِهِ الْحُجَّةَ فِي إِثْبَاتِ الْبَعْثِ وَ النُّشُورِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَ أَمَّا الرَّدُّ عَلَى الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الدَّهْرَ لَمْ يَزَلْ أَبَداً عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ وَ أَنَّهُ مَا مِنْ خَالِقٍ وَ لَا مُدَبِّرٍ، وَ لَا صَانِعٍ، وَ لَا بَعْثٍ وَ لَا نُشُورٍ، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً لِقَوْلِهِمْ:
وَ قٰالُوا مٰا هِيَ إِلّٰا حَيٰاتُنَا الدُّنْيٰا نَمُوتُ وَ نَحْيٰا وَ مٰا يُهْلِكُنٰا إِلَّا الدَّهْرُ وَ مٰا لَهُمْ بِذٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ، وَ قٰالُوا أَ إِذٰا كُنّٰا عِظٰاماً وَ رُفٰاتاً أَ إِنّٰا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً إِلَى قَوْلِهِ: أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ مِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَ مَنْ أَظْهَرَ لَهُ الْإِيمَانَ وَ أَبْطَنَ الْكُفْرَ وَ الشِّرْكَ وَ بَقُوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كان [كَانُوا سَبَبَ هَلَاكِ الْأُمَّةِ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ... الْآيَةَ وَ قَوْلِهِ: وَ تَرَى الْأَرْضَ هٰامِدَةً ... الْآيَةَ وَ مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فِي
أَوْ بِقَوْلِهِ: وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ ... [لُقْمَانُ: 20 وَ 21] وَ الظَّاهِرُ وُقُوعِ السَّهْوِ فِي كَيْفِيَّةِ نَقْلِ الْآيَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ بِمَا يُوهِمُ نَقَلَهُ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَ لِذَا أفرزنا، كَتَبَ عَلَيْهِ عَنْ سَابِقِهِ، أَوْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهِ فِي ضَمَّ وَ لٰا كِتٰابٍ مُنِيرٍ* إِلَى آيَةَ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلّٰاهُ،
يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ... وَ تَرَى الْأَرْضَ هٰامِدَةً الْحَجِّ: 5.
وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيٰاحَ الْفَاطِرُ: 9.
فِي كِتَابِنَا وَ فِي الْبِحَارُ: يُرْسِلُ الرِّيَاحُ، وَ هُوَ سَهْوٌ.
وَ قٰالُوا مٰا هِيَ إِلّٰا حَيٰاتُنَا، الْجَاثِيَةِ: 24 وَ قٰالُوا أَ إِذٰا كُنّٰا عِظٰاماً* الاسراء: 49- 51.