فكان يقرىء من صلوة الصبح إلى العصر، و يفتى من العصر إلى الغروب، و لم يكن له حظّ، و لا يطّلع على شيء من امور الدنيا، و اسر مع اللنكية. فاستنقذوا حضر إلى بلده مكرما. أخذ عنه غالب أهل حلب، و انتفعوا به، و شرح «المحرّر» للرافعي، و مات سنة سبع و ثمانمأة عن نحو ثمانين سنة، و لا يبعد كون نسبته إلى إصفهان الّتي هي قاعدة بلاد العجم بناء على وقوع تصحيف فيه من العامّة كما هو غير عزيز في كثير من النسب أو كانت هذه مبتنية على لغتهم القديمة الولايتيّة كما لا يخفي. فليتأمّل.
61 الشيخ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الازدى الحنفى المصرى
المعروف بالطحاوي. نسبته إلى قرية طحا- بفتح الطاء و الحاء المهملتين- من قرى مصر. ابن اخت المزنى اللغوي المشهور. إليه انتهت رياسة الحنفيّين بمصر المحروسة، و كان شافعىّ المذهب يقرء على خاله المذكور. فقال له: يوما: و اللّه لا جاء منك شيء فغضب أبو جعفر من ذلك، و انتقل إلى أبى جعفر بن أبي عمران الحنفىّ، و اشتغل عليه.
فلمّا صنّف «مختصره» قال: رحم اللّه أبا إبراهيم- يعنى به المزنى- لو كان حيّا لكفّر عن يمينه، و أنّ محمّد بن أحمد الشروطى قال: قلت للطحاوي: لم خالفت خالك، و اخترت مذهب أبي حنيفة؟. فقال: لأنّى كنت أرى خالى يديم النظر في كتب أبي- حنيفة. انتهى.
و للطحاوى هذا كتب مفيدة: منها «أحكام القرآن» و «اختلاف العلماء» و «معانى الآثار» و «الشروط» و «كتاب تاريخ كبير»، و غير ذلك. توفّى سنة إحدى و عشرين و ثلاثمأة، و هو في سنّ ثمان و ثمانين كما في «الوفيات».