طريقة أبيه، و من أجلّاء الشيعة الإماميّة. عظيم الحفظ شيخ التلعكبري المعروف، و قد ذكره العلّامة أيضا في القسم الأوّل من الخلاصة بمثل هذا الوصف، و ذكر أباه في القسم الثانى منه. فلا تغفل.
ثمّ ليعلم أنّ هذا الرجل إنّما سمّى بالحافظ لما قد عرفت من أنّه كان حافظا لما تزيد على مأة ألف حديث بأسانيدها، و لفظة الحافظ مضطلح في عرف أهل الدراية و المحدّثين على من حفظ هذه العدّة من الأخبار عن ظهر قلبه كما أنّ الحجّة عندهم من كان يحفظ ثلاثمأة ألف حديث، و الحاكم من أحاط حفظه بالجميع، و أمّا عند القرّاء و المجوّدين فاطلاق الحافظ على من يقرأ جميع القرآن في أحسن التجويد بالقراآت العشر أو السبع أو الواحدة منها لا أقلّ، و لكنّه بهذا المعنى لا يناسب المعهود من صاحب العنوان، و إن تعيّن الحمل عليه أيضا في مقامات سوف تطّلع عليها في التضاعيف- إن شاء اللّه-.
59 الشيخ المحدث الحافظ الكبير أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن على بن بحر بن سنان
المعروف بالنسائى أحد كبراء المشاهير من محدّثي أهل السنّة و الجماعة. نسبته إلى نسا- بفتح النون- إحدى مدائن خراسان المحميّة، و كان إمام عصره في الحديث، و له كتاب «السنن» المشهور الّذي هو من جملة الصحاح الستّة عند الجمهور، و شرحه جماعة: منهم الشيخ الإمام أبو الحسين عليّ بن عبد اللّه بن خلف الأنصارى الأندلسي الّذي هو من كبار النحاة، و له أيضا كتاب «التفسير» و مات سنة 567، و ورد النسائي المذكور مصر و انتشرت بها تصانيفه و أخذ عنه الناس. ثمّ ارتحل منها في أواخر عمره إلى دمشق الشام، و كان مائلا إلى التشيّع غايته- بل قيل: إنّها تشيّع و صنّف بها الخصائص في فضائل أهل البيت عليهم السّلام و أكثر روايته فيه عن أحمد بن حنبل- فقيل له:
ألّا تصنّف كتابا في فضل الصحابة. فقال: دخلت دمشق و المنحرف فيها عن عليّ عليه السّلام كثير فأردت أن يهديهم اللّه بهذا الكتاب.