لربه، و تسبيحه الخاص به بتنزيهه عما يخصه من الكمالات الإلهية
ربه عن نقصه الذاتي لكل ممكن، و نقصه الخاص به بمقتضى عينه و هو تقييده
بأحكام عينه، و قصور استعداده عن قبول جميع كمالات الوجود إلا ما يخصه من
النقائص، و بحمده بما يظهر من الكمالات الثبوتية التي يقبلها من ربه الحليم
الذي لا يعجل بعقوبة نقائصه، الغفور الذي يستر نقائصه و ظلمته الإمكانية و
سيئات تقصيره عن قبول سائر الكمالات بنور وجوبه، و وجود تجليات صفاته التي
يظهر بما فيه (و لذلك) أي و لأن لكل شيء تسبيحا يخصه (لا نفقة تسبيح
العالم على التفصيل واحدا واحدا، ثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح
فيها في قوله- وَ إِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ- أي بحمد
ذلك الشيء فالضمير الذي في قوله بحمده يعود على الشيء: أي بالثناء الذي
يكون عليه) يعنى: ثم إن في وجود كل شيء مرتبة فيها يعود الضمير في بحمده
إلى العبد المسيح، و ذلك لأن لكل موجود مرتبة في الوجود المطلق، و المقيد
هو المطلق مع التعين الذي يقيده فله كمالات و محامد مختصة به و كمالات
يشترك فيها مع غيره، فهو بالقسم الأول يحمد نفسه: أي هوية الحق المقيدة
بقيد تعين، و ينزه عن النقائص التي يقابلها لأن تلك المحامد لا تظهر على
الوجه الذي ظهرت فيه إلا منه و له لا من غيره، كما أنه بالقسم الثاني يحمد
ربه: أي الهوية المطلقة فهو بلسان مرتبته يحمده بكمالاته المختصة عين وجوده
الظاهر هو به، بل يحمد بوجوده الخاص به عينه الثابتة التي هذه المحامد
خواصها فيها فأظهرها الوجود الحق لها و وصفها به كما أنه بلسان هويته
المطلقة يحمد ربها، فليس الحمد و الثناء إلا للَّه و من الله في الحالين، و
كذلك في تسبيحه نزه نفسه عن النقائص الكونية المخصوصة بما عداه من الأشياء
معينة (كما قلناه في المعتقد أنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده و
ربط نفسه به، و ما كان من عمله فهو راجع إليه فما أثنى إلا على نفسه، فإنه
من مدح الصنعة فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها و عدم حسنها راجع إلى
صانعها، و إله المعتقد مصنوع للناظر فيه فهو صنعته فثناؤه على ما اعتقده
ثناؤه على نفسه، و لهذا يذم معتقد غيره و لو أنصف لم يكن له ذلك، إلا أن
صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك لاعتراضه على غيره فيما اعتقده
في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد لون الماء لون إنائه، لسلم لكل ذى اعتقاد
ما اعتقده و عرف الله في كل صورة و في كل معتقد) هذا تشبيه بحمد الشيء
نفسه: أي في وجوده الخاص بلسان المرتبة بحمد المعتقد الإله الذي يعتقده،
فإن ذلك الحمد يرجع إلى نفسه لأن ذلك الإله من عمله و صنعته لأنه تخيله فهو
مصنوع له و الثناء على
الضمير المنصوب في يعطيه يرجع إلى الحق، و استعداده، فاعل يعطيه، و
ضميره يرجع إلى كل يحمد؟؟؟ ربه، الحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة المذنبين،
الغفور الذي يستر ذنوب العباد، فكان لكل شيء تسبيح خاص لربه الخاص الحليم
الغفور له بالى.