ان القرآن لكونه كتابا انزل بالحق ليقوم الناس بالقسط , قد قرر القصاص بحيث
لا يتجاوز به عن العدل حيث قال :
( و كتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس)
. الاية [1] و الظاهر منها هو اعتبار التساوى فى قتل النفس , فلا يجوز الاسراف
فيه بقتل ازيد من واحد بواحد , كما كان دأب الجاهلية , و لا اختصاص لهذا الحكم
ببنى اسرائيل كما مر فى الفصل الثانى اذ الميزان فى القصاص هو ما قرره الشرع
بالقسط , لا ما يقضيه الغريزة السبعية المهاجمة .
ثم انه لما كان مجرد تقابل النفس بالنفس يشمل ما اذا كان احدهما حرا و الاخر
عبدا او احدهما ذكرا و الاخر انثى , بينه و قيده بقوله :
( يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر و العبد
بالعبد و الانثى بالانثى)
. الاية [2] فتدل على اعتبار التماثل الخاص بين المقتول و من يقتل قصاصا .
و لا مجال لتوهم التنافى بين الايتين بعد كون الاولى مطلقة محمولة على الثانية
التى تكون مقيدة , حيث انه لا تعارض بين الاطلاق و التقييد , كما لا تنافى بين
العموم و الخصوص . و الاية ساكتة عما لو قتل الذكر الانثى او قتلته الانثى , و
لكن لذلك حكم مضبوط فى السنة , و الكلام الان حول الاية الناطقة باعتبار
التماثل فى الذكورة و الانوثة , و لا