ي إثبات صورة السياسة الربانية التي هي دار الجزاء ووجوبها ، وأن
دارها غير دار الدنيا التي هي العالم الطبيعي ، يشتمل على عشرة براهين .
البرهان الاول : لما كان الله تعالى قد جعل جوهر النفس حية قادرة
على فعل الخير ، والشر ، والطاعة ، والمعصية ، وكان لو كان طاعتها ومعصيتها
وفعلها الخير والشر شيئا واحدا لافرق بينهما ، ولا سياسة قائمة تمتاز [1]
بها النفس الخيرة الطائعة من النفس الشريرة العاصية ، ويظهر الآمر من
المأمور ، والمنعم من المنعم عليه ، والسابقمن المسبوق ، ولا يتبين الرب من
المربوب ، ولا العبد من المعبود ، ولا يظهر شرف الخالقية ، ولا مجد
الربوبية ، لكون الانفس من جهة الحياة ، والقدرة ، والعلم ، والاختيار ،
والادراك في أفق عالم الربوبية .
وكان في الحكمة ومنها أن تكون آثار الربوبية قائمة .
وجب أن تكون السياسة التي بها يعلو مجد الربوبية قائمة ،