(190) (حديث معجزة لزين العابدين)
وَ بِالْإِسْنَادِ- يَرْفَعُهُ- عَنْهُ (عليه السلام) [1]: أَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاتِهِ يَوْماً إِذْ وَقَعَ وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) فِي الْبِئْرِ الَّذِي فِي دَارِهِ، وَ هُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ، وَ كَانَ بَعِيدَ الْقَعْرِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَتْ إِلَى الْبِئْرِ وَ أَقْبَلَتْ تَضْرِبُ نَفْسَهَا حَوْلَ الْبِئْرِ، وَ تَسْتَغِيثُ.
وَ نَادَتْ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، غَرِقَ ابْنُكَ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ، وَ هُوَ لَا يُفَكِّرُ فِي قَوْلِهَا، وَ لَا يَشْغَلُهُ كَلَامُهَا عَنْ صَلَاتِهِ، وَ هُوَ يَسْمَعُ اضْطِرَابَ وَلَدِهِ فِي الْبِئْرِ.
قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا الْأَمْرُ، قَالَتْ: مَا أَقْسَى قُلُوبَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَى صَلَاتِهِ وَ لَمْ يلتف [يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ عَلَى تَمَامِهَا وَ كَمَالِهَا.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، أَقْبَلَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ وَ مَدَّ يَدَهُ إِلَى قَعْرِهِ.
وَ كَانَ الْبِئْرُ لَا يُنَالُ إِلَّا بِرِشَاءٍ [2] طَوِيلٍ، لِأَنَّهُ طَوِيلُ الْقَعْرِ، فَأَخَذَ ابْنَهُ مُحَمَّداً الْبَاقِرَ، وَ هُوَ يناغة [يُنَاغِيهِ [3] فَضَحِكَ، وَ لَمْ يَبْتَلَّ لَهُ ثَوْبٌ وَ لَا جَسَدٌ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالَ لَهَا هَاكِ وَلَدَكِ، يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، فَضَحِكَتْ لِسَلَامَةِ وَلَدِهَا، وَ بَكَتْ مِنْ قَوْلِهِ يَا ضَعِيفَةَ الْيَقِينِ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ لَهَا لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكِ، أَ مَا عَلِمْتِ أَنِّي بَيْنَ يَدَيْ جَبَّارٍ، لَا أَقْدِرُ أَنْ أَمِيلَ بِوَجْهِي عَنْهُ وَ لَوْ مِلْتُ عَنْهُ بِوَجْهِي لَمَالَ عَنِّي بِوَجْهِهِ وَ مَنْ لِي رَاحِمٌ غَيْرَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى [4].
[1] يعني الإمام زين العابدين (عليه السلام) كما نقله المجلسي ره في البحار و الحضيني في الهداية و باقي المصادر.
[2] الرشا: رسن الدلو.
[3] قال المجلسي ره: ناغت الأم صبيها، أي لاطفته و شاغلته بالمجادثة و الملاعبة.
[4] المناقب لابن شهر آشوب: 4/ 135، عنه البحار: 46/ 34 ح 29، الهداية الكبرى للحضيني:
45، العدد القوية: 62 و 82، و أخرجه البحراني في مدينة المعاجز: 4/ 254 ح 33، مقصد الراغب: 140 (مخطوط)، و أخرجه النوري في المستدرك: 4/ 97 ح 11، و حلية الأبرار: 3/ 237 ح 2، عوالم العلوم: 18/ 175 ح 1.