يَا مَوْلَايَ، يَا إِمَامَ الْمُتَّقِينَ، إِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَ بَابَكَ قَصَدْتُ، فَاكْشِفْ مَا بِي مِنْ غُمَّةٍ فَإِنَّكَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَ عَالِمٌ بِمَا كَانَ أَوْ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ:
يَا عَمَّارُ، نَادِ فِي الْكُوفَةِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ، فَلْيَأْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَ صَارَ الْقَدَمُ عَلَى الْقَدَمِ أَقْدَاماً كَثِيرَةً، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مَوْلَايَ (عليه السلام): سَلُونِي عَمَّا بَدَا لَكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ، فَنَهَضَ مِنْ بَيْنِهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ شَابَ، عَلَيْهِ بُرْدَةٌ أَتْحَمِيَّةٌ (ملحمية)، وَ حُلَّةٌ عَرِيشِيَّةٌ، وَ عِمَامَةٌ طَرَسُوسِيَّةٌ (خُرَاسَانِيَّةٌ) فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ يَا كَنْزَ الطَّالِبِينَ.
وَ يَا مَوْلَايَ، هَذِهِ الْجَارِيَةُ ابْنَتِي، قَدْ خَطَبَهَا مُلُوكُ الْعَرَبِ مِنِّي، وَ قَدْ نَكَسَتْ رَأْسِي بَيْنَ عَشِيرَتِي وَ أَنَا مَوْصُوفٌ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَ قَدْ فَضَحَتْنِي فِي أَهْلِي وَ رِجَالِي، لِأَنَّهَا عَاتِقٌ حَامِلٌ فَأَنَا قَيْسُ بْنُ عِفْرِيسٍ [1] لَا تُخْمَدُ لِي نَارٌ، وَ لَا يُضَامُ [2] لِي جَارٌ، وَ قَدْ بَقِيتُ حَائِراً فِي أَمْرِي فَاكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ فَإِنَّ الْإِمَامَ خَبِيرٌ تَرْتَجِيهِ الْأُمَّةُ لِأَمْرٍ، وَ هَذِهِ غُمَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَ لَا أَرَى مِثْلَهَا وَ لَا أَعْظَمَ مِنْهَا.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): مَا تَقُولِينَ يَا جَارِيَةُ، فِيمَا قَالَ أَبُوكِ؟
قَالَتِ الْجَارِيَةُ: يَا مَوْلَايَ، أَمَّا قَوْلُهُ: إِنِّي حَامِلٌ، فَوَ حَقِّكَ يَا مَوْلَايَ، مَا عَلِمْتُ فِي نَفْسِي خِيَانَةً قَطُّ وَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنِّي وَ إِنِّي مَا كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ، فَفَرِّجْ عَنِّي يَا مَوْلَايَ.
[1] في البحار: (فليس بن عفريس) و في نسخة: (قلميس بن عقريس).
[2] لا يضام: أيّ لا يقصّر و لا يظلم.